اصدر قسم حقوق الانسان في هيئة علماء المسلمين اليوم تقريره السنوي عن الأوضاع الإنسانية التي عاشها العراق خلال السنة السابعة للاحتلال الغاشم والوقعة بين شهر نيسان عام 2009 ونيسان عام 2010.
واستعرض القسم في تقريره الجديد بعض ما وقع على الانسان العراقي من تجاوزات وانتهاكات صارخة لحقوقه في نفسه وماله وبيئته، حيث تضمن التقرير نفس المحاور التي اعتمدها القسم في تقريره السابق وهي (القتل والإصابات خارج القانون والاعتقال والخطف والاحتجاز التعسفي والتهجير القسري وأوضاع المرأة والطفل والحريات الصحفية وأوضاع الأقليات والوضع الصحي وأوضاع التربية والتعليم والوضع البيئي اضافة الى الخدمات والبنى التحتية).
وفي ما يأتي نص التقرير :
المقدمة :
يتناول هذا التقرير الأوضاع الإنسانية في العراق في السنة السابعة للاحتلال بإبعادها المختلفة، ويعرض لتفاصيل كل بعد منها بحسب المتوفر من معلومات والمتاح من أرقام وإحصاءات يقوم بها قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين، أو يرصدها منتسبوه من خلال وسائل الإعلام. وتتوزع مصادر هذه المعلومات بين مصادر الجمعيات والمؤسسات الحقوقية والقانونية الدولية: الرسمي منها والشعبي، والجهات الحكومية في العراق.. فضلا عن التقارير والمتابعات التي تقوم بها وسائل الإعلام الغربية.
وينبغي التنبيه في فاتحة هذا التقرير على أن الأرقام المعلنة فيه والمأخوذة من المصادر التي تقدم ذكرها؛ ليست دقيقة بالضرورة وإنما هو ما تسمح بالإعلان عنه قوات الاحتلال والقوات الحكومية. ويذكر التقرير بعض الأرقام حسب تقديرات قسم حقوق الإنسان في الهيئة المعتمدة على قاعدة معلوماته ومصادره الخاصة.. وينبغي هنا التأكيد على أن الأرقام الحقيقة أكبر من ذلك بكثير وخاصة فيما يتعلق بإحصاءات الجانب الحكومي.
وفي موجز سريع لأوضاع حقوق الإنسان في العراق تشير تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى أن أوضاع حقوق الإنسان في العراق قد ساءت للغاية في عام 2009. وأوضحت منظمة (هيومن رايتس ووتش) _على سبيل المثال _ في تقرير لها أن ((اهتمام العالم بالعراق قد قل، لكن الكثير من مشكلات حقوق الإنسان الجسيمة التي ابتلت العراق ما زالت بلا حل... فالنساء والأقليات، بالإضافة إلى المحتجزين، يتعرضون لانتهاكات حقوقية جسيمة)).
ويأتي هذا الحديث مترافقا مع صدور تقارير بعض لجان التحقيق الخاصة المشكلة في بعض الدول الغربية بشأن غزو العراق حيث أكدت لجنة تحقيق هولندية مستقلة في تقرير لها صدر مؤخرا، أن الغزو الأميركي للعراق في مارس (آذار) 2003 افتقد الشرعية بحسب القانون الدولي وأن اجتياح العراق ((لم تكن مقومات شرعيته كافية)). كما وجّه انتقادات حادة للدعم السياسي الذي قدمته الحكومة الهولندية للعمليات العسكرية التي جرت في العراق.
وفي استعراض لبعض ما وقع من تجاوز وانتهاك على الإنسان العراقي في نفسه وماله وبيئته، وعلى ذات السياق الذي اتبعناه في تقريرنا السابق عن السنة السادسة للاحتلال؛ نقدم تقريرنا أدناه عن السنة السابعة للاحتلال البغيض وفق المحاور الآتية:
_ القتل والإصابات خارج القانون
_ الاعتقال والخطف والاحتجاز التعسفي
_ التهجير القسري
_ أوضاع المرأة والطفل
_ الحريات الصحفية
_ أوضاع الأقليات
_ الوضع الصحي
_ أوضاع التربية والتعليم
_ الوضع البيئي
_ الخدمات والبنى التحتية
القتل والإصابات خارج القانون :
في تصريح للمتحدث باسم (جماعة حقوق الإنسان) أشار إلى أنه ((على الرغم من الاعتقاد السائد بأن النزاع المسلح في العراق قد انتهى على نحوٍ كبير، لا يزال العنف المستشري وعدم احترام حياة الإنسان يطالان حياة العراقيين، والمدنيون هم الضحايا بالدرجة الأولى)) وان ((من الواضح إن العراق يعاني أكثر من أي بلد آخر من العنف اليومي بسبب الإرهاب وعدم الاستقرار من عنف أكثر كثيرا حتى من أفغانستان وباكستان)).
وتؤدي التفجيرات والاعتداءات العشوائية بحياة المئات وتترك آلافاً آخرين من الجرحى كل شهر، وفي هذا الصدد يشرح: (خوان بيدرو شيرير) رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق حالة الخوف الملازمة للعراقيين بسبب ذلك قائلا: ((يعيش العديد من العراقيين في خوفٍ دائم كلّما تركوا منازلهم، فأي واحدٍ منهم قد يتعرض للإصابة إذا ما تواجد ببساطة في المكان والزمان الخاطئين. إن مستوى انعدام الأمن يبقى عالياً ولا يمكن القبول به على أنه مستوى اعتيادي نوعاً ما أو وضعٌ لا يمكن تجنبه)).
وظهرت اتجاهات جديدة في هذا العام تبعث على القلق مثل زيادة حصيلة القتلى من التفجيرات الكبيرة التي يتسبب كل منها في مقتل أكثر من 50 مدنيا خلال عام 2009، وذلك في إطار ما اصطلح عليه بالأيام السوداء أو الدامية.. وكان عام 2008 قد شهد قتل 534 شخصا في تسعة هجمات كبيرة؛ مقارنة مع 750 شخصا قتلوا في ثمانية هجمات في عام 2009. فيما أعلنت وزارة الصحة الحكومية أن عدد القتلى في صفوف المدنيين بسبب العنف عام 2009 هو (2773).
وفي تقرير إحصائي لمرصد الحقوق والحريات الدستورية عن العام 2009، وفق قاعدة بياناته الخاصة توصل إلى وقوع ما يقارب (34، 313) ضحية خلال الفترة 01/01/2009 لغاية 31/12/2009. وتصنف هذه الضحايا إلى: [ ضحايا أعمال القتل بمختلف أشكاله، ضحايا الجثث مجهولة الهوية، ضحايا عمليات الاغتيال، ضحايا الإصابات بفعل التفجيرات، ضحايا الخطف، ضحايا عمليات الاعتقال العشوائية وغير العشوائية ]. ووصلت أعداد الضحايا القتلى من الحصيلة السابقة خلال عام 2009 إلى (4، 754) ضحية، فضلا عن وقوع (13538) ضحية كمصابين.
الاعتقال والخطف والاحتجاز التعسفي :
أولا: الاعتقال:
تحتجز قوات الاحتلال والسلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين، معظمهم بدون تهمة أو محاكمة، ومضى على بعضهم زهاء خمس سنوات وهم رهن الاحتجاز. كما ارتكبت تلك القوات انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء وقتل غير مشروع لمدنيين، واعتقالات تعسفية.
وحسب الأرقام المعلنة من هذه القوات فإنها تحتجز ما يقرب من (15500) معتقل، في معسكر بوكا بالقرب من البصرة، ومعسكر كروبر بالقرب من مطار بغداد الدولي وفي مواقع أخرى.. منها معتقل التاجي الذي ينقل إليه معتقلو سجن بوكا في البصرة.
وحسب تقرير منظمة العفو الدولية عن حقوق الإنسان في العالم عام 2009 فإن السلطات الحكومية كانت ((تحتجز ما لا يقل عن 26 ألف معتقل، ومعظمهم بدون تهمة أو محاكمة. ويُعتقد أن بعضهم محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي في مراكز احتجاز سرية)). وهذا رقم صغير مقارنة مع أعداد السجون الكثيرة في العراق التي يقرب عددها من مئات كما إن التقرير لم يبين أماكن اعتقال هؤلاء حتى نطمئن إلى استيعابه جميع السجون الحكومية أم لا.
ورصد قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين حملات الاعتقال واسعة المدى التي تجري في أنحاء مختلفة من البلاد، واستطاع تسجيل (123) حملة دهم واعتقال وتفتيش خلال شهر كانون الأول من عام 2009 فقط؛ نتج عنها اعتقال (1377) مواطناً، ليعقبه شهر كانون الثاني بـ (170) حملة دهم نتج عنها اعتقال نحو (1612) معتقل، ثم تلاه شهر شباط بـ (166) حملة و(1117) معتقلا، وشهر آذار بـ (16) و () معتقلا.
وشملت حملات الاعتقال هذه فئات مختلفة العراقيين من (شيوخ عشائر، وعلماء الدين، وأساتذة جامعيين، وضباط في الجيش العراقي السابق، وطلبة جامعات، ونساء وأطفال، وكبار السن). واعتمد هذا الرصد ء عدد الحملات وأعداد المعتقلين على البيانات التي تعلنها وزارتا الداخلية والدفاع الحاليتين فقط، في حين أن هنالك اعتقالات أخرى تنفذها جهات أخرى نحو: وزارة الأمن الوطني ومكتب (مكافحة الإرهاب) والقوات التابعة لمكتب رئيس الحكومة الحالية، فضلا عن الاعتقالات التي تقوم بها عناصر (قوات الصحوة)، كما استثنت الإحصائية حملات الاعتقالات التي تنفذها الميليشيات والأجهزة الأمنية الكردية بمسمياتها المختلفة.
أما وفق إحصائية مرصد الحقوق والحريات الدستورية لعام 2009 فقد بلغ عدد المعتقلين 15، 813) شخص. وقد وصلت أعداد المعتقلين خلال شهر كانون الثاني 2010 حسب إحصاء المرصد إلى (974) معتقل شملت عموم محافظات العراق.
التعذيب في السجون :
حُوكم عدد من الجنود الأمريكيين أمام محاكم عسكرية أمريكية بتهم تتعلق بارتكاب جرائم في العراق، وصدرت على معظم من أُدينوا أحكام مخففة لا تتناسب مع فداحة تلك الجرائم.. وفيما يتعلق بالسجون الحكومية فقد تم استخدام مختلف أساليب التعذيب ضد المعتقلين ومن بينها؛ الضرب بالأسلاك الكهربائية وخراطيم المياه، والتعليق لفترات طويلة من الأطراف، والصعق بالصدمات الكهربائية، وكسر الأطراف، ونزع أظافر القدمين بكماشات، وثقب الجسم بمثقاب، وقد كان المحتجزون لدى وزارة الداخلية أكثر عرضةً للتعذيب من غيرهم _ بحسب الشهادات المتوفرة_.
وقد اعترفت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب الحالي بأن حالات التعذيب ضد المعتقلين العراقيين في السجون الحكومية ما زالت مستمرة، و((أن هناك حالات تعذيب نفسي وجسدي في المعتقلات)). وحسب مشاهدات اللجنة في المعتقلات يقول أحد أعضائها: ((من خلال زياراتنا للمعتقلات رأينا أن هناك من يتعرض لأبشع أنواع التعذيب من اجل انتزاع الاعترافات منهم بالقوة وان القوات الحكومية التي تشرف على هذه المعتقلات تستخدم شتى أنواع التعذيب من بينها الرجات الكهربائية والتعليق من الخلف، إضافة إلى الممارسات اللاانسانية الأخرى)).
وأكد عضو اللجنة (حنين القدو) في تصريح مماثل حصول هذه الأمور ومضيفا: ((إن السجون الحكومية تكتظ الآن بالمعتقلين نتيجة استمرار الاعتقالات العشوائية التي تنفذها القوات الحكومية يوميا، ما يؤثر هذا الأمر بشكل سلبي على الأوضاع الصحية العامة للمعتقلين.. مشيرا إلى أن هناك فسادا إداريا وماليا كبيرا في تجهيز المواد الغذائية والصحية لهؤلاء المعتقلين، كما نقلت مصادر إعلامية مختلفة عن رئيس اللجنة (محمد الحيدري) قوله: ((إن إحصائيات وزارة حقوق الإنسان تشير إلى أن عدد المعتقلين في السجون الحكومية يبلغ 18 ألفا و162 شخصا، بينهم 368 امرأة، وهذا العدد كبير جدا ومخيف))، مؤكدا وجود عمليات تعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد المعتقلين في هذه السجون.
إلى ذلك طالبت الأحزاب العربية في كركوك بكشف مصير المعتقلين في المدينة و ودعت المسئولين ومنظمات حقوق الإنسان ((إلى ضرورة التحقق من عدد المعتقلين لدى القوات الأميركية في المدينة)). حيث أن هذه ((لا تملك إحصاءات مؤكدة عن عدد المعتقلين في السجون الأميركية والكردية شمال البلاد)).
وأكد مسئول في المركز الثقافي والاجتماعي في كركوك أن ((القوات الحكومية والكردية والأميركية تشن بانتظام حملات اعتقال في عدد من والأقضية والنواحي ذات الغالبية العربية، ولا يمكن إحصاء أعداد المعتقلين، نظراً إلى تعدد الجهات المنفذة لهذه الحملات التي تكون غالبيتها وفقاً لمعلومات غير دقيقة أو كيدية)). وأن ((العشائر العربية في القضاء بصدد الدعوة إلى عقد مؤتمر يدعو إلى ترسيخ حقوق المعتقلين وكشف مصير 235 مغيباً في معتقلات مجهولة)).. وكان مدير سجن شرطة كركوك العقيد خورشيد حميد أشار إلى أن ((عدد الموقوفين والمحتجزين في المديرية يبلغ 354 بينهم 24 امرأة اعتقلوا على خلفية تهم وجرائم)).
هذا وقد أثار تسليم ملف المعتقلين ونقلهم من السجون الأمريكية إلى الحكومية الكثير من المخاوف حول تعرضهم لانتهاكات، بعد أن كشف معتقلون تعرضهم لانتهاكات صارخة، متهمين رجال شرطة بتعذيبهم وإساءة معاملتهم واحتجاز أشخاص بدون مذكرات توقيف إضافة إلى البطء في إجراءات حسم قضايا المعتقلين، حيث شهد سجن الرصافة في بغداد إضراب عدد من المعتقلين فيه، وسجن آخر في الكوت. في حين أكد آخرون وجود انتهاكات مشابهة حدثت في محافظات أخرى.
أما الحالة الصحية للمعتقلين فمزرية إلى درجة كبيرة، فقد توفي ثلاثة وأصيب 15 عشر آخرين نتيجة إصابتهم بمرض التدرن الرئوي في سجن العدالة المركزي بمنطقة الكاظمية شمال غربي بغداد. و((إن من الأسباب الرئيسية لوفاة المساجين وانتشار المرض هو ضعف إدارة السجن وعدم توفيرها للمواد الصحية والغذائية المناسبة للمسجونين)). كما إن إدارة السجن تتعامل بشكل ((لا أخلاقي مع المسجونين من كلام بذيء وعبارات طائفية وعدم الاهتمام بشكل عام بالسجناء)).
ظاهرة انتحار المعتقلين :
دفعت أساليب التعذيب وانتهاك حقوق المعتقلين في السجون الحكومية وعدم حسم قضاياهم إلى بروز ظاهرة انتحار أعداد منهم، حيث شهدت هذه السجون أكثر من حالة انتحار، منها انتحار ((سجينين في سجن بادوش (30 كلم) غرب الموصل، وذالك بواسطة حرق نفسيهما))كما شهدت مدينة تكريت (شمال بغداد) انتحار أحد المعتقلين في إحدى غرف السجن الانفرادي في ناحية العلم (25 كلم) شمال مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين. وهذه الحالات هي ما تم الإعلان عنها فقط.
وكانت تقارير منظمات حقوق الإنسان المختلفة؛ قد رصدت وفي أكثر من تقرير الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون العراقيون، وأكدت أن بقاء أعداد كبيرة منهم في السجون وهم أبرياء دون أن يقدموا إلى المحاكم والقضاء ودون أن يحسم وضعهم أو محاكمتهم هي من الأسباب التي تدفع بالمعتقل إلى الانتحار.
من جهة أخرى أكدت منظمة العفو الدولية أن السلطات الحكومية نفذت حكم الإعدام بما لا يقل عن 120 عراقيا خلال الفترة الماضية من العام 2009 فيما ينتظر 900 آخرون المصير ذاته. وطالبت المنظمة هذه السلطات ((بوقف تنفيذ الإعدام بحق الآخرين، ومن بينهم 17 امرأة، استنفذت الإجراءات القانونية بحقهم)).. باعتبار((أن العديد من المحكومين بالإعدام أدينوا خلال محاكمات غير عادلة بناء على اعترافات انتزعت بالقوة أو ممارسة التعذيب)).
واستعرض القسم في تقريره الجديد بعض ما وقع على الانسان العراقي من تجاوزات وانتهاكات صارخة لحقوقه في نفسه وماله وبيئته، حيث تضمن التقرير نفس المحاور التي اعتمدها القسم في تقريره السابق وهي (القتل والإصابات خارج القانون والاعتقال والخطف والاحتجاز التعسفي والتهجير القسري وأوضاع المرأة والطفل والحريات الصحفية وأوضاع الأقليات والوضع الصحي وأوضاع التربية والتعليم والوضع البيئي اضافة الى الخدمات والبنى التحتية).
وفي ما يأتي نص التقرير :
المقدمة :
يتناول هذا التقرير الأوضاع الإنسانية في العراق في السنة السابعة للاحتلال بإبعادها المختلفة، ويعرض لتفاصيل كل بعد منها بحسب المتوفر من معلومات والمتاح من أرقام وإحصاءات يقوم بها قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين، أو يرصدها منتسبوه من خلال وسائل الإعلام. وتتوزع مصادر هذه المعلومات بين مصادر الجمعيات والمؤسسات الحقوقية والقانونية الدولية: الرسمي منها والشعبي، والجهات الحكومية في العراق.. فضلا عن التقارير والمتابعات التي تقوم بها وسائل الإعلام الغربية.
وينبغي التنبيه في فاتحة هذا التقرير على أن الأرقام المعلنة فيه والمأخوذة من المصادر التي تقدم ذكرها؛ ليست دقيقة بالضرورة وإنما هو ما تسمح بالإعلان عنه قوات الاحتلال والقوات الحكومية. ويذكر التقرير بعض الأرقام حسب تقديرات قسم حقوق الإنسان في الهيئة المعتمدة على قاعدة معلوماته ومصادره الخاصة.. وينبغي هنا التأكيد على أن الأرقام الحقيقة أكبر من ذلك بكثير وخاصة فيما يتعلق بإحصاءات الجانب الحكومي.
وفي موجز سريع لأوضاع حقوق الإنسان في العراق تشير تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى أن أوضاع حقوق الإنسان في العراق قد ساءت للغاية في عام 2009. وأوضحت منظمة (هيومن رايتس ووتش) _على سبيل المثال _ في تقرير لها أن ((اهتمام العالم بالعراق قد قل، لكن الكثير من مشكلات حقوق الإنسان الجسيمة التي ابتلت العراق ما زالت بلا حل... فالنساء والأقليات، بالإضافة إلى المحتجزين، يتعرضون لانتهاكات حقوقية جسيمة)).
ويأتي هذا الحديث مترافقا مع صدور تقارير بعض لجان التحقيق الخاصة المشكلة في بعض الدول الغربية بشأن غزو العراق حيث أكدت لجنة تحقيق هولندية مستقلة في تقرير لها صدر مؤخرا، أن الغزو الأميركي للعراق في مارس (آذار) 2003 افتقد الشرعية بحسب القانون الدولي وأن اجتياح العراق ((لم تكن مقومات شرعيته كافية)). كما وجّه انتقادات حادة للدعم السياسي الذي قدمته الحكومة الهولندية للعمليات العسكرية التي جرت في العراق.
وفي استعراض لبعض ما وقع من تجاوز وانتهاك على الإنسان العراقي في نفسه وماله وبيئته، وعلى ذات السياق الذي اتبعناه في تقريرنا السابق عن السنة السادسة للاحتلال؛ نقدم تقريرنا أدناه عن السنة السابعة للاحتلال البغيض وفق المحاور الآتية:
_ القتل والإصابات خارج القانون
_ الاعتقال والخطف والاحتجاز التعسفي
_ التهجير القسري
_ أوضاع المرأة والطفل
_ الحريات الصحفية
_ أوضاع الأقليات
_ الوضع الصحي
_ أوضاع التربية والتعليم
_ الوضع البيئي
_ الخدمات والبنى التحتية
القتل والإصابات خارج القانون :
في تصريح للمتحدث باسم (جماعة حقوق الإنسان) أشار إلى أنه ((على الرغم من الاعتقاد السائد بأن النزاع المسلح في العراق قد انتهى على نحوٍ كبير، لا يزال العنف المستشري وعدم احترام حياة الإنسان يطالان حياة العراقيين، والمدنيون هم الضحايا بالدرجة الأولى)) وان ((من الواضح إن العراق يعاني أكثر من أي بلد آخر من العنف اليومي بسبب الإرهاب وعدم الاستقرار من عنف أكثر كثيرا حتى من أفغانستان وباكستان)).
وتؤدي التفجيرات والاعتداءات العشوائية بحياة المئات وتترك آلافاً آخرين من الجرحى كل شهر، وفي هذا الصدد يشرح: (خوان بيدرو شيرير) رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق حالة الخوف الملازمة للعراقيين بسبب ذلك قائلا: ((يعيش العديد من العراقيين في خوفٍ دائم كلّما تركوا منازلهم، فأي واحدٍ منهم قد يتعرض للإصابة إذا ما تواجد ببساطة في المكان والزمان الخاطئين. إن مستوى انعدام الأمن يبقى عالياً ولا يمكن القبول به على أنه مستوى اعتيادي نوعاً ما أو وضعٌ لا يمكن تجنبه)).
وظهرت اتجاهات جديدة في هذا العام تبعث على القلق مثل زيادة حصيلة القتلى من التفجيرات الكبيرة التي يتسبب كل منها في مقتل أكثر من 50 مدنيا خلال عام 2009، وذلك في إطار ما اصطلح عليه بالأيام السوداء أو الدامية.. وكان عام 2008 قد شهد قتل 534 شخصا في تسعة هجمات كبيرة؛ مقارنة مع 750 شخصا قتلوا في ثمانية هجمات في عام 2009. فيما أعلنت وزارة الصحة الحكومية أن عدد القتلى في صفوف المدنيين بسبب العنف عام 2009 هو (2773).
وفي تقرير إحصائي لمرصد الحقوق والحريات الدستورية عن العام 2009، وفق قاعدة بياناته الخاصة توصل إلى وقوع ما يقارب (34، 313) ضحية خلال الفترة 01/01/2009 لغاية 31/12/2009. وتصنف هذه الضحايا إلى: [ ضحايا أعمال القتل بمختلف أشكاله، ضحايا الجثث مجهولة الهوية، ضحايا عمليات الاغتيال، ضحايا الإصابات بفعل التفجيرات، ضحايا الخطف، ضحايا عمليات الاعتقال العشوائية وغير العشوائية ]. ووصلت أعداد الضحايا القتلى من الحصيلة السابقة خلال عام 2009 إلى (4، 754) ضحية، فضلا عن وقوع (13538) ضحية كمصابين.
الاعتقال والخطف والاحتجاز التعسفي :
أولا: الاعتقال:
تحتجز قوات الاحتلال والسلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين، معظمهم بدون تهمة أو محاكمة، ومضى على بعضهم زهاء خمس سنوات وهم رهن الاحتجاز. كما ارتكبت تلك القوات انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء وقتل غير مشروع لمدنيين، واعتقالات تعسفية.
وحسب الأرقام المعلنة من هذه القوات فإنها تحتجز ما يقرب من (15500) معتقل، في معسكر بوكا بالقرب من البصرة، ومعسكر كروبر بالقرب من مطار بغداد الدولي وفي مواقع أخرى.. منها معتقل التاجي الذي ينقل إليه معتقلو سجن بوكا في البصرة.
وحسب تقرير منظمة العفو الدولية عن حقوق الإنسان في العالم عام 2009 فإن السلطات الحكومية كانت ((تحتجز ما لا يقل عن 26 ألف معتقل، ومعظمهم بدون تهمة أو محاكمة. ويُعتقد أن بعضهم محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي في مراكز احتجاز سرية)). وهذا رقم صغير مقارنة مع أعداد السجون الكثيرة في العراق التي يقرب عددها من مئات كما إن التقرير لم يبين أماكن اعتقال هؤلاء حتى نطمئن إلى استيعابه جميع السجون الحكومية أم لا.
ورصد قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين حملات الاعتقال واسعة المدى التي تجري في أنحاء مختلفة من البلاد، واستطاع تسجيل (123) حملة دهم واعتقال وتفتيش خلال شهر كانون الأول من عام 2009 فقط؛ نتج عنها اعتقال (1377) مواطناً، ليعقبه شهر كانون الثاني بـ (170) حملة دهم نتج عنها اعتقال نحو (1612) معتقل، ثم تلاه شهر شباط بـ (166) حملة و(1117) معتقلا، وشهر آذار بـ (16) و () معتقلا.
وشملت حملات الاعتقال هذه فئات مختلفة العراقيين من (شيوخ عشائر، وعلماء الدين، وأساتذة جامعيين، وضباط في الجيش العراقي السابق، وطلبة جامعات، ونساء وأطفال، وكبار السن). واعتمد هذا الرصد ء عدد الحملات وأعداد المعتقلين على البيانات التي تعلنها وزارتا الداخلية والدفاع الحاليتين فقط، في حين أن هنالك اعتقالات أخرى تنفذها جهات أخرى نحو: وزارة الأمن الوطني ومكتب (مكافحة الإرهاب) والقوات التابعة لمكتب رئيس الحكومة الحالية، فضلا عن الاعتقالات التي تقوم بها عناصر (قوات الصحوة)، كما استثنت الإحصائية حملات الاعتقالات التي تنفذها الميليشيات والأجهزة الأمنية الكردية بمسمياتها المختلفة.
أما وفق إحصائية مرصد الحقوق والحريات الدستورية لعام 2009 فقد بلغ عدد المعتقلين 15، 813) شخص. وقد وصلت أعداد المعتقلين خلال شهر كانون الثاني 2010 حسب إحصاء المرصد إلى (974) معتقل شملت عموم محافظات العراق.
التعذيب في السجون :
حُوكم عدد من الجنود الأمريكيين أمام محاكم عسكرية أمريكية بتهم تتعلق بارتكاب جرائم في العراق، وصدرت على معظم من أُدينوا أحكام مخففة لا تتناسب مع فداحة تلك الجرائم.. وفيما يتعلق بالسجون الحكومية فقد تم استخدام مختلف أساليب التعذيب ضد المعتقلين ومن بينها؛ الضرب بالأسلاك الكهربائية وخراطيم المياه، والتعليق لفترات طويلة من الأطراف، والصعق بالصدمات الكهربائية، وكسر الأطراف، ونزع أظافر القدمين بكماشات، وثقب الجسم بمثقاب، وقد كان المحتجزون لدى وزارة الداخلية أكثر عرضةً للتعذيب من غيرهم _ بحسب الشهادات المتوفرة_.
وقد اعترفت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب الحالي بأن حالات التعذيب ضد المعتقلين العراقيين في السجون الحكومية ما زالت مستمرة، و((أن هناك حالات تعذيب نفسي وجسدي في المعتقلات)). وحسب مشاهدات اللجنة في المعتقلات يقول أحد أعضائها: ((من خلال زياراتنا للمعتقلات رأينا أن هناك من يتعرض لأبشع أنواع التعذيب من اجل انتزاع الاعترافات منهم بالقوة وان القوات الحكومية التي تشرف على هذه المعتقلات تستخدم شتى أنواع التعذيب من بينها الرجات الكهربائية والتعليق من الخلف، إضافة إلى الممارسات اللاانسانية الأخرى)).
وأكد عضو اللجنة (حنين القدو) في تصريح مماثل حصول هذه الأمور ومضيفا: ((إن السجون الحكومية تكتظ الآن بالمعتقلين نتيجة استمرار الاعتقالات العشوائية التي تنفذها القوات الحكومية يوميا، ما يؤثر هذا الأمر بشكل سلبي على الأوضاع الصحية العامة للمعتقلين.. مشيرا إلى أن هناك فسادا إداريا وماليا كبيرا في تجهيز المواد الغذائية والصحية لهؤلاء المعتقلين، كما نقلت مصادر إعلامية مختلفة عن رئيس اللجنة (محمد الحيدري) قوله: ((إن إحصائيات وزارة حقوق الإنسان تشير إلى أن عدد المعتقلين في السجون الحكومية يبلغ 18 ألفا و162 شخصا، بينهم 368 امرأة، وهذا العدد كبير جدا ومخيف))، مؤكدا وجود عمليات تعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد المعتقلين في هذه السجون.
إلى ذلك طالبت الأحزاب العربية في كركوك بكشف مصير المعتقلين في المدينة و ودعت المسئولين ومنظمات حقوق الإنسان ((إلى ضرورة التحقق من عدد المعتقلين لدى القوات الأميركية في المدينة)). حيث أن هذه ((لا تملك إحصاءات مؤكدة عن عدد المعتقلين في السجون الأميركية والكردية شمال البلاد)).
وأكد مسئول في المركز الثقافي والاجتماعي في كركوك أن ((القوات الحكومية والكردية والأميركية تشن بانتظام حملات اعتقال في عدد من والأقضية والنواحي ذات الغالبية العربية، ولا يمكن إحصاء أعداد المعتقلين، نظراً إلى تعدد الجهات المنفذة لهذه الحملات التي تكون غالبيتها وفقاً لمعلومات غير دقيقة أو كيدية)). وأن ((العشائر العربية في القضاء بصدد الدعوة إلى عقد مؤتمر يدعو إلى ترسيخ حقوق المعتقلين وكشف مصير 235 مغيباً في معتقلات مجهولة)).. وكان مدير سجن شرطة كركوك العقيد خورشيد حميد أشار إلى أن ((عدد الموقوفين والمحتجزين في المديرية يبلغ 354 بينهم 24 امرأة اعتقلوا على خلفية تهم وجرائم)).
هذا وقد أثار تسليم ملف المعتقلين ونقلهم من السجون الأمريكية إلى الحكومية الكثير من المخاوف حول تعرضهم لانتهاكات، بعد أن كشف معتقلون تعرضهم لانتهاكات صارخة، متهمين رجال شرطة بتعذيبهم وإساءة معاملتهم واحتجاز أشخاص بدون مذكرات توقيف إضافة إلى البطء في إجراءات حسم قضايا المعتقلين، حيث شهد سجن الرصافة في بغداد إضراب عدد من المعتقلين فيه، وسجن آخر في الكوت. في حين أكد آخرون وجود انتهاكات مشابهة حدثت في محافظات أخرى.
أما الحالة الصحية للمعتقلين فمزرية إلى درجة كبيرة، فقد توفي ثلاثة وأصيب 15 عشر آخرين نتيجة إصابتهم بمرض التدرن الرئوي في سجن العدالة المركزي بمنطقة الكاظمية شمال غربي بغداد. و((إن من الأسباب الرئيسية لوفاة المساجين وانتشار المرض هو ضعف إدارة السجن وعدم توفيرها للمواد الصحية والغذائية المناسبة للمسجونين)). كما إن إدارة السجن تتعامل بشكل ((لا أخلاقي مع المسجونين من كلام بذيء وعبارات طائفية وعدم الاهتمام بشكل عام بالسجناء)).
ظاهرة انتحار المعتقلين :
دفعت أساليب التعذيب وانتهاك حقوق المعتقلين في السجون الحكومية وعدم حسم قضاياهم إلى بروز ظاهرة انتحار أعداد منهم، حيث شهدت هذه السجون أكثر من حالة انتحار، منها انتحار ((سجينين في سجن بادوش (30 كلم) غرب الموصل، وذالك بواسطة حرق نفسيهما))كما شهدت مدينة تكريت (شمال بغداد) انتحار أحد المعتقلين في إحدى غرف السجن الانفرادي في ناحية العلم (25 كلم) شمال مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين. وهذه الحالات هي ما تم الإعلان عنها فقط.
وكانت تقارير منظمات حقوق الإنسان المختلفة؛ قد رصدت وفي أكثر من تقرير الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون العراقيون، وأكدت أن بقاء أعداد كبيرة منهم في السجون وهم أبرياء دون أن يقدموا إلى المحاكم والقضاء ودون أن يحسم وضعهم أو محاكمتهم هي من الأسباب التي تدفع بالمعتقل إلى الانتحار.
من جهة أخرى أكدت منظمة العفو الدولية أن السلطات الحكومية نفذت حكم الإعدام بما لا يقل عن 120 عراقيا خلال الفترة الماضية من العام 2009 فيما ينتظر 900 آخرون المصير ذاته. وطالبت المنظمة هذه السلطات ((بوقف تنفيذ الإعدام بحق الآخرين، ومن بينهم 17 امرأة، استنفذت الإجراءات القانونية بحقهم)).. باعتبار((أن العديد من المحكومين بالإعدام أدينوا خلال محاكمات غير عادلة بناء على اعترافات انتزعت بالقوة أو ممارسة التعذيب)).
للاطلاع على التقرير كاملا زيارة الرابط ادناه
http://www.albasrah.net/ar_articles_2010/0410/ma3ini_150410.htm
http://www.albasrah.net/ar_articles_2010/0410/ma3ini_150410.htm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق