السبت، 28 أبريل 2012

إلغاء عقوبة الإعدام بسبب الممارسة السياسية واجب إنساني



(( الحق في الحياة - المادة 6

1. الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا.. 2.لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.)) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

زادت تطلعات الشعوب في العقود الأخيرة إلى المشاركة السياسية مع اتساع مجالات ومستويات التواصل والوعي في ظل ازدياد المتاح من المعارف والمعلومات التي توفرت للإفراد والتنظيمات إمكانات هائلة لتبادل المعلومات والتجارب في مجالات القدرة على التعبئة والصمود . وهذه التطلعات ساهمت في تطوير مفاهيم حقوق الإنسان لتشمل الشعوب ,والمجموعات العرقية ,والأقليات ,والمرأة .

ومع تزايد هذه التطلعات تزايدت مظاهر الانتهاكات لحقوق الإنسان في المشاركة السياسية ومظاهر القتل, والترويع, والاختفاء القسري, والإعدام, وتعطيل الدساتير والهيئات القضائية والإجراءات التعسفية الأخرى, وإعلان حالات الطوارئ بما تعنيه من تعليق للحريات ,وتعطيل للقوانين ,وزيادة سلطات الحكام ,وأجهزتهم الأمنية في السيطرة على المواطنين ,واستبعاد القوى والتيارات السياسية المناوئة والمخالفة التي لا تبدي تأييدا علنيا واستبدلت بمظاهر القبول والرضا العلني الذي تفرضه سياسة الترهيب والترغيب .

ومثل التوسع في إصدار عقوبة الإعدام بسبب الموقف والرأي السياسي أبشع صور الانتهاك لحق الإنسان في المشاركة السياسية والحق بالتعبير والرأي السياسي ولحقه في الحياة.وتأخذ عقوبة الإعدام أشكالا متباينة في درجاتها ومداها وطبيعتها ,فقد تكون بدون محاكمة ,أو دون سند قانوني ,أو بدون حق للمتهم في الدفاع عن نفسه ,أو الاستئناف , أو في محاكمات صورية ,كما أنها قد تصدر بحق من لم يستخدموا العنف ولم يثبت انتماؤهم إلى أي مجموعة إرهابية بل بعض النظم السياسية تتوسع متجاوزة بتنفيذ الإعدام ليس في المتهم فقط أو المذنب , ولكن أيضا في بعض أفراد أسرته أو رفاقه .وفي بعض الأحيان الذين يبدون رأيا قانونيا أو شرعيا يفهم عدم الرضا عن التوجه لتنفيذ عقوبة الإعدام دون تبصر أو رادع من ضمير أو قانون . وغالبا ما تحدث دون أن تدعمها مستندات أو إجراء تحقيقات كافية وعدم إعطاء فرصة للمتهم أو وكيله للدفاع.

وتشمل حالات الإعدام المذكورة أعلاه مايلي :-

1. الاغتيالات السياسية للمعارضين لسياسة الحكومات, والتي تأخذ صور مختلفة من حالات قتل مجهولة, أو حوادث طرق, لتبدوا الحكومات أنها لا العلاقة لها بهذه الجرائم.

2. الوفاة الناجمة عن التعذيب والمعاملة السيئة في السجون أو في مراكز الاحتجاز لسجناء الرأي.

3. الوفاة الناتجة عن حالات الاختفاء القسري ,الاختفاء قانونا يأخذ صورة ألقاء القبض على الأشخاص واحتجازهم أواختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم على أي نحو آخر من حريتهم على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعات منظمة أو أفراد عاديين يعملون بأسم الحكومة أو بدعم مباشر أو غير مباشر منها أو برضاها وقبولها ثم رفض الكشف عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون وتعتبر جريمة الاختفاء ألقسري مستمرة باستمرار مرتكبيها من التكتم على مصير ضحايا الاختطاف القسري ومكان إخفاؤه وما دامت هذه الوقائع ظلت بدون توضيح (الإعلان الدولي الخاص بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الاختفاء القسري ظاهرة مرتبطة بالأنظمة الدكتاتورية ويظل العراق الدولة التي تمثل العدد الأكبر من حالات الاختفاء القسري على مستوى العالم حيث يختطف الإفراد من مختلف أطياف الشعب العراقي لأسباب مختلفة من منازلهم وأماكن عملهم أو دراستهم ويتم إنكارهم على ذويهم لمعرفة مصيرهم وبذلك ينتهك هذا النظام حتى دستوره الذي وضعه والداعي إلى احترام حقوق الإنسان ومنها حقه بالحياة وبمحاكمة عادلة وحقه بالدفاع عن نفسه وينتهك كافة المواثيق الدولية التي تنص على حق الإنسان بالحياة والأمن والحرية والحق في سلامة جسده من التعذيب والحق بمحاكمة عادلة .

4. حالات الوفاة الناتجة عن فرط استعمال القوة من جانب المكلفين بإنفاذ القوانين,حالات الإعدام دون إتباع الأصول في قواعد الإجراءات القانونية .

5. الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة أعدم الكثير من المعارضين السياسيين من خلال قرارات محاكم وهمية أو قوانين تنتهك ابسط حقوق الإنسان بمحاكمة عادلة والدفاع عن نفسه أو تجرم أفعال لا تعد جرائم خطيرة على النظام بالمفهوم القانوني وحتى الوطني والكثير من هولاء السجناء قضوا تحت التعذيب لانتزاع اعترافاتهم وربطت بملفاتهم قرارات محاكم بإعدامهم وهم لم يحضروا مرافعاتها أو حضورهم وإنكارهم ارتكاب الجرائم ورغم عدم وجود أي أدلة يحكم عليهم بالإعدام بالإضافة إلى إعدام أشخاص دون سن الثامنة عشر بعد تزوير شهادات ميلادهم بتقارير مفبركة من الطب العدلي وأعدم الكثير من الأشخاص لمجرد انتمائهم لحزب سياسي معارض لسياسات النظام أو حتى لمجرد انتقاد سياسات النظام دون أي انتماء سياسي .أما الإعدام دون محاكمة فكثيرا جدا مايحدث عندما نصب قادة الجريمة أنفسهم شرطة وقضاة وجلادين وأصدروا أحكامهم بقتل الآلاف من الناس دون أي محاكمة أو ذنب جنوه ورغم أن المعاهدات الدولية والمتمثلة في مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة والتي نظمها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار 44\163 في 15 كانون الثاني \1989 والذي يحظر جميع عمليات الإعدام أعلاه وطلب من الدول اعتبارها جرائم بموجب قوانينها الجنائية والمعاقبة عليها بعقوبات رادعة تراعي درجة خطورتها ولا يجوز في مثل هذه الحالات التذرع بالحالات الاستثنائية بما في ذلك حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أي حالة طوارئ عامة أخرى لتبرير عمليات الإعدام حتى في حالة نزاع مسلح وحالات استخدام القوة بصورة مفرطة ـأو مخالفة القانون من جانب موظف حكومي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية

6. .أعمال الإبادة الجماعية :يعرف خبراء القانون الدولي مصطلح الإبادة الجماعية ( جريمة يقصد بها التدمير الكلي أو الجزئي لجماعات قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية عبر صور متعددة وسوا ء كانت الجريمة مباشرة أو بصورة غير مباشرة سواء بالتحريض عليها أم بالتآمر على ارتكابها سواء أثناء الحرب أو السلم وهي جرائم ضد الجماعة) وأشار نص اتفاقية منع إبادة الجنس البشري إلى أي من الأفعال الآتية يعتبر جريمة إبادة بشرية :-قتل أعضاء الجماعة, إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بالجماعة ,إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية صعبة للغاية يكون القصد منها تدمير ها كليا أو جزئيا ,فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب أطفال داخل الجماعة, نقل أطفال من الجماعة إلى جماعة أخرى عنوة.كل هذا يحدث لمنع الجماعات القومية ,أو الاثنية ,أو الدينية أو الطائفية من ممارسة حقها في المشاركة السياسية
الحق في المشاركة السياسية والحق في الاختلاف عناصر مهمة وردت في جميع إعلانات و مواثيق حقوق الإنسان ودساتير الدول كافة وتحتاج إلى وقفة من الجميع لحماية هذا الحق وكفالته والدفاع عن ممارسة جميع الناس لهذا الحق , وهي أهم قواعد اللعبة في أي نظام سياسي يحترم تطور قيم الممارسة السياسية التي جعلت من قيم الإنسان قيم عالمية .

حان الوقت الذي يصبح فيه الإنسان حرا آمنا ومستفيدا من التشريعات والعهود الدولية التي تدعو لإلغاء عقوبة الإعدام بسبب الممارسة السياسية. ولنقف جميعا ونمارس كل الضغوط التي تبيح للدول التنكيل بمعارضيها ونطالب بإلغاء عقوبة الإعدام بسبب الممارسات السياسية وليصبح الحق بالمشاركة السياسية حقا قانونيا غير قابل للمساومة ومتاحا للجميع بعيدا عن أي شكل من أشكال الضغوط والتخويف والترويع .



الأحد، 22 أبريل 2012

الضمانات القانونية لتكريس حقوق الإنسان




لقد حظيت حقوق الإنسان برعاية الوثائق الدستورية, والتشريعات الوضعية في الأنظمة السياسية المعاصرة, باعتبار الإنسان هو الغاية والهدف لأي نظام يتمحور حول قاعدة القانون وبالتالي وضعت الضمانات الأساسية التي تكفل للفرد ممارسة هذه الحقوق وتقرير الحماية اللازمة لمواجهة أي اعتداء عليها . إن الإقرار بحقوق الإنسان وحرياته شيء, وتوفير الحماية لممارسة هذه الحقوق شيء آخر, فالنصوص قد لا تجد مجالا للتطبيق أو إن هناك من يحول دون ممارسة الإفراد حقوقهم وحرياتهم ولهذا أستوجب توفير آلية الحماية لهذه الحقوق والحريات ,ويبدو إن هناك من ربط بين حرية الإنسان, والمبدأ الديمقراطي, فالإنسان لن يكون حرا ألا في دولة حرة .



والحديث عن الضمانات القانونية يتشكل في اتجاهين:



الأول: - يتعلق بالضمانات الداخلية,وهو ما يوجد داخل الدولة ,فالفرد الذي يعيش في مجتمع الدولة يتلمس ممارسة حقوقه وحرياته ضمن المجتمع, وحتى يتحقق هذا الهدف,فأن على الدولة أن توفر له المسعى, ويتطلب الإقرار بعدة مسائل تختلف في الظروف العادية عنها في الظروف الاستثنائية .



الثاني:- يتعلق بالضمانات الخارجية, وهو ما يتوفر من وسائل, وأجهزة خارج إطار الدولة تشكل إطارا لحماية حقوق الإنسان.



وسنركز هنا في هذا الموضوع على الاتجاه الأول لأن الاتجاه الثاني موضعا دراسة مستقبلية. ترد الضمانات الداخلية فكرة إقرار الدولة إلى مبدأ المشروعية ,ومفردات نفاذه,عبر الإقرار بوجود- قواعد دستورية- تشكل قمة الهرم القانوني في الدولة, وتتمثل بالفصل بين هيئات الدولة الرئيسية, والرقابة على أعمال السلطة, ومبدأ المشروعية من المبادئ المهمة التي تحتل المراكز في الفكر القانوني, وهو الراية التي يجب أن تخفق عاليا أذا ما أريد لبلد أن يعيش في ظل دولة القانون . إن الهدف النهائي لإعمال مبدأ المشروعية كان دائما حماية حقوق الإفراد في مواجهة السلطة العامة, وذلك عن طريق تقييد السلطة وتحديد نطاقها. أما وجود القواعد الدستورية فهو حجر الأساس في بناء دولة القانون, وهذه القواعد تعنى بحقوق الإفراد وحرياتهم وبالتالي, لا تستطيع الهيئات التي أنشئها الدستور الافتئات على هذه الحقوق والحريات, سواء كانت هذه الهيئات تشريعية, أم تنفيذية, أم قضائية .



- خضوع الهيئة التشريعية للوثيقة الدستورية يعني إن الحقوق والحريات المحجوزة للمشرع الدستوري ستكون بمنأى عن المساس بها من قبل المشرع العادي, وهذا الخضوع يأخذ الصورة الشكلية, كما يأخذ الصورة الموضوعية.



• الخضوع الشكلي –يعني ببساطة – إن القانون العادي لا يمكن أن يصدر ألا من جهة مختصة حددها الدستور, وطيقا للأوضاع التي يقررها, وفي حالة صدور قانون بغير هذه الطريقة, فان القضاء لن يصبر عليه, ولا يستسيغ تطبيقه فيما يعرض عليه من قضايا, انه قانون غير موجود, لأنه يتقاطع مع الدستور, وبالتالي غير قابل للنفاذ .



• أما الخضوع الموضوعي فيعني عدم مخالفة أحكام القانون العادي للإحكام الواردة في الدستور فبالتالي, تكون الحقوق والحريات المحجوزة للمشرع الدستوري منطقة حرام بالنسبة للمشرع العادي, ولاشك أن وجود الرقابة على دستورية القوانين هي التي تسمح بالتحقق من دستورية القوانين من عدمها .







- أما خضوع الهيئة التنفيذية للوثيقة الدستورية فيتحقق عندما تخاطب أحكام الدستور الهيئة التنفيذية مباشرة, فالنص الدستوري الذي يمنع أبعاد المواطن عن بلده,أو الحيلولة دون العودة أليه, أو النص على مبدأ شخصية العقوبة, أو النص على عدم جواز المصادرة العامة للأموال, فمثل هذه النصوص, تخاطب الهيئات العامة من الدولة بصورة مباشرة, والهيئة التنفيذية على وجه الخصوص, ومن ثم يكون أي إجراء مخالف لمثل هذه النصوص ينطوي على خرق لمبدأ المشروعية وخروج على الدستور.



- أما الهيئة القضائية فهي مكلفة دستوريا بتطبيق القوانين وهي هيئة مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها, وأنواعها, وإن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم لغير القانون. فالهيئة القضائية تمارس وظيفتها في أداء العدالة مستقلة عن الهيئات الأخرى ومن ثم لا يجب أن تمتنع عن أداء هذه الوظيفة, لأنه لا يجوز دستوريا حرمان الناس من الالتجاء للقضاء, لأن في ذلك مصادرة لحق التقاضي المقر دستوريا, وليس هناك من شريعة تحجز القضاء من النظر في المظالم أيا كانت, وإلا كان موقف القاضي موقف الامتناع عن إحقاق الحق .