لقد حظيت حقوق الإنسان برعاية الوثائق الدستورية, والتشريعات الوضعية في الأنظمة السياسية المعاصرة, باعتبار الإنسان هو الغاية والهدف لأي نظام يتمحور حول قاعدة القانون وبالتالي وضعت الضمانات الأساسية التي تكفل للفرد ممارسة هذه الحقوق وتقرير الحماية اللازمة لمواجهة أي اعتداء عليها . إن الإقرار بحقوق الإنسان وحرياته شيء, وتوفير الحماية لممارسة هذه الحقوق شيء آخر, فالنصوص قد لا تجد مجالا للتطبيق أو إن هناك من يحول دون ممارسة الإفراد حقوقهم وحرياتهم ولهذا أستوجب توفير آلية الحماية لهذه الحقوق والحريات ,ويبدو إن هناك من ربط بين حرية الإنسان, والمبدأ الديمقراطي, فالإنسان لن يكون حرا ألا في دولة حرة .
والحديث عن الضمانات القانونية يتشكل في اتجاهين:
الأول: - يتعلق بالضمانات الداخلية,وهو ما يوجد داخل الدولة ,فالفرد الذي يعيش في مجتمع الدولة يتلمس ممارسة حقوقه وحرياته ضمن المجتمع, وحتى يتحقق هذا الهدف,فأن على الدولة أن توفر له المسعى, ويتطلب الإقرار بعدة مسائل تختلف في الظروف العادية عنها في الظروف الاستثنائية .
الثاني:- يتعلق بالضمانات الخارجية, وهو ما يتوفر من وسائل, وأجهزة خارج إطار الدولة تشكل إطارا لحماية حقوق الإنسان.
وسنركز هنا في هذا الموضوع على الاتجاه الأول لأن الاتجاه الثاني موضعا دراسة مستقبلية. ترد الضمانات الداخلية فكرة إقرار الدولة إلى مبدأ المشروعية ,ومفردات نفاذه,عبر الإقرار بوجود- قواعد دستورية- تشكل قمة الهرم القانوني في الدولة, وتتمثل بالفصل بين هيئات الدولة الرئيسية, والرقابة على أعمال السلطة, ومبدأ المشروعية من المبادئ المهمة التي تحتل المراكز في الفكر القانوني, وهو الراية التي يجب أن تخفق عاليا أذا ما أريد لبلد أن يعيش في ظل دولة القانون . إن الهدف النهائي لإعمال مبدأ المشروعية كان دائما حماية حقوق الإفراد في مواجهة السلطة العامة, وذلك عن طريق تقييد السلطة وتحديد نطاقها. أما وجود القواعد الدستورية فهو حجر الأساس في بناء دولة القانون, وهذه القواعد تعنى بحقوق الإفراد وحرياتهم وبالتالي, لا تستطيع الهيئات التي أنشئها الدستور الافتئات على هذه الحقوق والحريات, سواء كانت هذه الهيئات تشريعية, أم تنفيذية, أم قضائية .
- خضوع الهيئة التشريعية للوثيقة الدستورية يعني إن الحقوق والحريات المحجوزة للمشرع الدستوري ستكون بمنأى عن المساس بها من قبل المشرع العادي, وهذا الخضوع يأخذ الصورة الشكلية, كما يأخذ الصورة الموضوعية.
• الخضوع الشكلي –يعني ببساطة – إن القانون العادي لا يمكن أن يصدر ألا من جهة مختصة حددها الدستور, وطيقا للأوضاع التي يقررها, وفي حالة صدور قانون بغير هذه الطريقة, فان القضاء لن يصبر عليه, ولا يستسيغ تطبيقه فيما يعرض عليه من قضايا, انه قانون غير موجود, لأنه يتقاطع مع الدستور, وبالتالي غير قابل للنفاذ .
• أما الخضوع الموضوعي فيعني عدم مخالفة أحكام القانون العادي للإحكام الواردة في الدستور فبالتالي, تكون الحقوق والحريات المحجوزة للمشرع الدستوري منطقة حرام بالنسبة للمشرع العادي, ولاشك أن وجود الرقابة على دستورية القوانين هي التي تسمح بالتحقق من دستورية القوانين من عدمها .
- أما خضوع الهيئة التنفيذية للوثيقة الدستورية فيتحقق عندما تخاطب أحكام الدستور الهيئة التنفيذية مباشرة, فالنص الدستوري الذي يمنع أبعاد المواطن عن بلده,أو الحيلولة دون العودة أليه, أو النص على مبدأ شخصية العقوبة, أو النص على عدم جواز المصادرة العامة للأموال, فمثل هذه النصوص, تخاطب الهيئات العامة من الدولة بصورة مباشرة, والهيئة التنفيذية على وجه الخصوص, ومن ثم يكون أي إجراء مخالف لمثل هذه النصوص ينطوي على خرق لمبدأ المشروعية وخروج على الدستور.
- أما الهيئة القضائية فهي مكلفة دستوريا بتطبيق القوانين وهي هيئة مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها, وأنواعها, وإن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم لغير القانون. فالهيئة القضائية تمارس وظيفتها في أداء العدالة مستقلة عن الهيئات الأخرى ومن ثم لا يجب أن تمتنع عن أداء هذه الوظيفة, لأنه لا يجوز دستوريا حرمان الناس من الالتجاء للقضاء, لأن في ذلك مصادرة لحق التقاضي المقر دستوريا, وليس هناك من شريعة تحجز القضاء من النظر في المظالم أيا كانت, وإلا كان موقف القاضي موقف الامتناع عن إحقاق الحق .
شكرا لكم ...موفقين..))
ردحذفRäumung-Räumung
Wohnungsräumung