تصاعد نشاطات المنظمات غير الحكومية المساندة للعراق
مطالبة المجتمع الدولي بالوقوف الى جانب الشعب العراقي في معاناته
المتواصلة والعمل على إنهاء الإحتلال الأمريكي
تقرير نصف سنـوي
1 كانون الثاني ـ 30/حزيران/2009
شبكة البصرة
الأمم المتحدّة - جنيف
تواصل المنظمات غير الحكومية المساندة للعراق نشاطاتها ضمن الإجتماعات والمؤتمرات الدولية التي تعقدها الأمم المتحدّة بمختلف فروعها في جنيف. وتشكّل إجتماعات مجلس حقوق الإنسان، التي تشارك فيها وفود تمثل الدول الأعضاء في الأمم المتحدّة وممثلين عن مختلف الأجهزة والهيئات الدولية إضافة الى حشد من المنظمات غير الحكومية من مختلف قارات العالم مناسبة رئيسة تشرح فيها هذه المنظمات موقفها من الأوضاع في العراق وما يجري من إنتهاكات لحقوق الإنسان فيه من قبل الإحتلال وما أنشأه من أجهزة ومؤسسات.
ويحاول هذا التقرير تقديم صورة موجزة لأهم ما قامت به هذه المنظمات من نشاطات في النصف الأول من عام 2009.
الانتهاكات الخطيرة والمنهجية لحقوق الإنسان في العراق
وجّه تجمع لعدد من المنظمات غير الحكومية، العربية والاجنبية، بيانات مشتركة الى المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان حيث وزّعت ضمن وثائق المجلس وحسب جدول الأعمال الرسمي. وتضمنّت هذه البيانات تفاصيل موثّقة لمعظم الإنتهاكات لحقوق الشعب العراقي الجارية منذ الغزو والإحتلال الأمريكي للعراق عام 2003. وجرى حسب ما تسمح به قواعد المجلس القاء عدد من البيانات اثناء الاجتماعات العامة وكذلك عند مناقشة تقارير المقرّرين الخاصّين عن مختلف قضايا حقوق الإنسان، (تتيح الروابط نهاية التقرير القراءة أو الاستماع إلى بعض تلك البيانات). كما اقيمت بمناسبة هذه الاجتماعات عدد من الندوات واجريت الكثير من اللقاءات مع أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والدولي والناشطين في مجال حقوق الإنسان من مختلف دول العالم، إضافة الى المشاركة في الكثير من الندوات التي أقامتها جمعيات أخرى أثنا الإجتماعات.
وفي كل هذه النشاطات أجمعت تلك المنظمات، أنه على الرغم من التقارير التي تنشر عن تحسن الوضع الأمني في العراق، إلاّ أن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق مستمرّة بشكل يومي لكن اشكالها واساليبها تتغير. وشرحت كيف أن تفشي عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والقهر وغيرها من الانتهاكات المنتظمة لحقوق الإنسان باتت سمة الحياة في العراق (الجديد). وعلاوة على ذلك، يحرم العراقيون اليوم من الرعاية الصحية الأساسية والتعليم ومياه الشرب والمرافق الصحية الملائمة. كما تتعرض حقوق النساء والأطفال لانتهاكات جسيمة. إن حالة حقوق الإنسان في العراق لا تزال الأكثر خطورة، والسلطة لا تزال غير قادرة على توفير حتى أبسط الخدمات، والكهرباء وإمدادات المياه النظيفة أو بيئة آمنة لعودة اللاجئين. ونقلت ما أكدّته بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، من أن "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تنتشر على نطاق واسع، وان معالجتها تتطلب التزاماً سياسياً على المدى الطويل وهو أمر لم يتحقق بعد... و إن سوء المعاملة والتعذيب للمعتقلين العراقيين يجري على نطاق واسع من قبل سلطات إنفاذ القانون، في ظل تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب، مما يشكل انتهاكات شديدة للالتزامات الدولية لحقوق الإنسان".
إحصاءات عن حجم الكارثة
وأوضحت أنه من الناحية الاحصائية، ووفقا لمصادر موثوق بها، فإن هذه الانتهاكات قد أدّت لمقتل اكثر من 1. 300. 000 برئ من المدنيين العراقيين، وخلّفت اكثر من 2. 000. 000 يتيم، و 2. 000. 000 أرملة، وأكثر من 5. 000. 000 من المشردّين داخليا أو اللاجئين في الخارج. فضلاً عن ذلك فأن مئات الآلاف من العراقيين قد تعرضّوا لسوء المعاملة والتعذيب في السجون ومراكز الاعتقال، وأن آلافاً قد اختفوا أو وقعوا ضحايا للقتل خارج نطاق القانون الذي أصبح ظاهرة متفشية في العراق وإحدى الممارسات اليومية الوحشية لأجهزة السلطة العميلة. وحمّلت الدول التي ساهمت في غزو وإحتلال العراق، وعلى رأسها الولايات المتحدّة الأمريكية وبريطانيا، المسؤولية الكاملة عن كل تلك النتائج الكارثية، وناشدت بضرورة تقديم المسؤولين عن تلك الجرائم الى القضاء العادل وإلزام دول العدوان وكل من ساهم به بدفع تعويضات كاملة عن كل ما لحق بالعراق وشعبه من اضرار.
ممارسة التعذيب على نطاق واسع
واكدت المنظمات ان قوات الإحتلال وميليشيات السلطة الحاكمة مستمرة بعمليات الإعتقال اليومي الجماعي للأبرياء وفق اسباب وذرائع واهية، وغالباً ما يقضي المعتقلون سنيناً في السجون دون معرفة سبب اعتقالهم، ولا يسمح لهم الإتصال بمحامين او المثول امام محكمة عادلة لتبت بما يمكن أن يوجّه إليهم من تهم. وعوضاً عن ذلك يخضع هؤلاء المعتقلين الى صنوف شتى من التعذيب، بأساليب مبتكرة، يغلب عليها الوحشية، بل أن اعداداً منهم غالباً ما يجري رمي جثثهم في الشوارع لكي تنهشها الكلاب بعد التعذيب المميت.
وبينت إن هذه الجرائم التي يشهدها العراق منذ الايام الأولى للإحتلال هي مستمرة لحد الآن، لكن من الطبيعي ان يتحدّث المساهمون فيها والمنغمسين في الفساد عن تحسّن في الاوضاع.
وأوضحت إن الإحتلال هو من ابتدأ عمليات التعذيب وهو من شرّع لعملائه إستخدامها على نطاق واسع، فالعالم كلّه يعرف ما جرى في ابي غريب من ممارسات وحشية لا انسانية للسجناء العراقيين، ومعظمهم من الطبقة المتعلمة والمثقفة، ومع ذلك اختارت هيئات حقوق الانسان الصمت على جرائم كهذه، فلم تجري لحد الآن مناقشات معمّقة لما يجري في العراق، ولم يُسمح لأي من المقرّرين الخاصين وخاصّة المقرّر الخاص المعني بالتعذيب من زيارة السجون في العراق للأطلاع على حجم هذه الجريمة رغم ورود اشارات كثيرة عنها في تقارير بعثة الأمم المتحدّة في العراق (يونامي). ونقلت البيانات عن هذه البعثة قولها: "لا يزال ينتابها بالغ القلق إزاء استمرار ورود تقارير على نطاق واسع وروتيني للتعذيب وسوء معاملة المحتجزين، لا سيما تلك التي تقام في مرافق الاحتجاز قبل المحاكمة تحت إشراف وزارة الداخلية، بما فيها مراكز الشرطة.... والكثير ممّن حرموا من حريتهم لشهور أو حتى سنوات، وغالباً في ظل ظروف مادية قاسية، من دون الحصول على محامٍ للدفاع، أو من دون توجيه اتهام رسمي بارتكاب جريمة أو للمثول أمام قاضٍ مختص".
وفي هذا السياق أكدّت ايضاً، أن الأسرى العراقيين يعانون من المعاملة الوحشية واللاإنسانية، وأن عوائل هؤلاء الأسرى قلقة جدا بسبب قيام سلطات الاحتلال الامريكي بتسليم العديد منهم الى السلطات العراقية العميلة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الإعدام الفوري لهم، وعلى الأقل التعذيب الوحشي للكثير منهم. ونقلت عن منظمة العفو الدولية في بيانها الصادر في 9 يناير 2009، قلقها بشأن هذه المسألة إذ أكدّت "ان هؤلاء المعتقلين سيكونون في خطر اذا نقلوا الى السلطات العراقية".
وطالبت في لقاءاتها المتكرّرة مع ممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر العمل على إطلاق سراح كل الأسرى العراقيين وحثت اللجنة على ضرورة تذكير الإدارة الأمريكية بأنها ملزمة طبقاً لإتفاقيات جنيف بعدم تسليم هؤلاء الأسرى لمن يريد الإنتقام منهم، ولمن يعلن يومياً رغبته في إعدامهم. وقد أكدّت اللجنة انها ابلغت الإدارة الأمريكية بالتزاماتها المنصوص عليها في القانون الدولي وخاصة إتفايات جنيف بخصوص هذا الموضوع، وانها تضعه على المتابعة المستمرة، وقامت في هذا الصدد باجراء عدّة زيارات لأماكن إحتجاز هؤلاء الأسرى.
حرمان من الحقوق الأساسية، إنعدام الخدمات، وتردّى الأوضاع المعاشية
أكدّت المنظمات غير الحكومية حرمان الشعب العراقي من كافة حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية منذ الغزو الامريكي عام 2003. فقد شرحت كيف جرى تدمير كل البنى التحتية للدولة، وأوضحت أن العراقيين مهدّدون الآن في حقّهم الأساسي في البقاء احياءً جرّاء انتشار الأوبئة، وانهيار النظام الصحي وانظمة المياه الصالح للشرب، والاهمال المتعمد من قبل الاجهزة الحكومية المنغمسمة في سرقة ثروات البلاد وتحويلها الى الخارج حيث تلقى كل الحماية والرعاية من الحكومات التي تعطينا الدروس في قضايا حقوق الانسان.
وقد نقلت عن اليونسيف قولها في نشرتها الصادرة في كانون الثاني/يناير 2009، وجود ثغرات كبيرة في الخدمات الاجتماعية الأساسية في عدة مواقع في العراق زارتها اليونيسيف، حيث وجدت ان 70 ٪ من السكان لا يمكنهم الحصول على مياه الشرب المأمونة. كما أنها وجدت أن أكثر من 65 ٪ يفتقرون لنظام صرفِ صحي. وأوضحت أنه نتيجة لاستمرار الحرب، والعقوبات التي سبقتها، فأن العراق يعتمد اعتمادا كبيرا على الواردات الغذائية، وبالتالي فهو يتأثر كثيراً عند أي زيادة في أسعار الغذاء اذا لم يجد الدعم اللازم من السلطة وهم ما يحصل حاليا إذ على الرغم من تصاعد الواردات المالية والمساعدات الخارجية الاّ أن السلطات قد قامت بتقليل مواد الحصة التموينية. كما انه ظهر أن وزارة التجارة تقوم باستيراد الأغذية الفاسدة وان وزير التجارة نفسه هو من يرتكب هذه الجريمة الشنعاء بحقّ المواطنين الأبرياء. وأوضحت أن الارتفاع المتزايد في أسعار السوق كان له آثاراً سلبية كبيرة على مختلف شرائح المجتمع العراقي المبتلى بهذه السلظة الفاسدة.
وأشارت كذلك إلى الدراسة المعنّونة (العراق دراسة الحالة الاجتماعية والاقتصادية)، التي اعدّت من قبل البنك الدولي ووزارة التخطيط العراقية ونشرت بتاريخ 9 يناير2009، إذ أكدّت أن ما يقرب من 44 بالمائة من العراقيين يتلقون دخلاً شهرياً أقل من مائة الف دينار عراقي (85 دولارا)، أي أقل من 2. 7 دولاراً في اليوم. كما أظهرت الدراسة أن 87. 5 ٪ من السكان ليس لديهم امدادات مياه مستقرّة، على الرغم أن أكثر من 80 ٪ من الأفراد يعيشون في مساكن متصلة بشبكات المياه العامة. أما بالنسبة للكهرباء، فأن شبكة الكهرباء الوطنية هي المصدر الرئيسي لثلاثة أرباع السكان، ولكنها توفر فقط في المتوسط ثماني ساعات يوميا. الدراسة ذاتها أكدّت أنه قبل الحصار وغزو عام 2003 فأن العراق، كان يعتبر وعلى نطاق واسع، من أكثر البلدان المتقدمة في الشرق الأوسط. وكان طلاّب العلم يأتونه من جميع أنحاء المنطقة للحصول على أفضل تعليم جامعي وافضل رعاية صحّية. وكان العراق في المرتبة الأعلى في كل مؤشرات الرفاه، من انخفاض وفيات الرضع، ومستوى الالتحاق بالمدارس، والاستهلاك الغذائي للأسرة، ومستوى الأجور، ومعدلات التوظيف، وكان البنك الدولي يصنف العراق باعتباره الأعلى بين الدول ذات الدخل المتوسط.
تخريب النظام الصحّي
تناولت المنظمات غير الحكومية أوضاع القطّاع الصحي، فأوضحت ما جرى من تخريب للنظام الصحي في العراق الذي كان بشهادة منظمة الصحة العالمية واحداً من افضل الانظمة الصحية في المنطقة في حين أنه يعاني الآن من تدهور شديد يشلّ قدرته عن تلبية احتياجات المواطنين. وبيّنت ان الكثير من المنشآت والمؤسسات الصحية قد كانت اهدافاً مباشرة للقوات الغازية، إذ جرى تدمير الكثير من المستشفيات والمراكز الصحية تحت ذريعة مكافحة الأرهاب! وهو ما يمثل انتهاكاً خطيرا للقانون الدولي الإنساني وطالبت بضرورة التأكيد على القواعد الآمرة في مثل هذه الحالات وعلى المسؤولية الدولية عن مثل هذه الاعمال.
كما شرحت كيف تحولت مباني وزارة الصحة والمستشفيات بعد الاحتلال الى سجون واماكن لقتل الخصوم وممارسة عمليات التعذيب، بحيث انه وزارة خارجية دولة الاحتلال لم تستطع إنكار هذا الأمر بل ان تقريرها عن حقوق الإنسان في العراق الصادر في آذار 2008 يشرح بوضوح ما تقوم به الميليشيات التي تسيطر على وزارة الصحّة من جرائم مستخدمة سيارات الإسعاف وكيف أنها تلاحق الجرحى في المستشفيات وتقتلهم طبقاً للولاءات الحزبية والطائفية.
وأوضحت المنظمات، في البيان الذي وزّعته ايضا على إجتماعات الدورة الثانية والستون لمنظمة الصحة العالمية، أن الفساد الذي يستشري في كل مرافق الدولة فأنه يستشري أيضا في المؤسسات الصحية ويساهم في انعدام الرعاية الصحية وانتشار الادوية الفاسدة، الامر الذي ادّى الى انتشار الامراض والأوبئة. ومما زاد الأمر سوءاً قلة الكادر الصحي وضعف خبراته بعد اجبار خيرة المسؤولين الصحيين واكفأ الاطباء العراقيين على ترك البلاد تحت تهديد الميليشيات والعصابات التي تحكم العراق تحت الحماية الامريكية اليوم. وطالبت إيلاء هذا الوضع الخطير الإهتمام اللازم لما له من تأثيرات بالغة السوء على الشعب العراقي.
انهيار النظام التعليمي
شرحت المنظمات غير الحكومية كيف أن الغزو والاحتلال الامريكي وما نجم عنه من تدمير طال المؤسسات التعليمية، وانتشار الفساد في جميع مؤسسات السلطة التي أُنشات بعد الاحتلال، وما جرى من حملة تصفيات للكفاءات العراقية قد أدّى الى انهيار النظام التعليمي في العراق الذي كان واحدا من أفضل الأنظمة التعليمية في المنطقة طبقا لتقارير الامم المتحدة. وبالتالي فقد حرم الشعب العراقي من حقٍ أساسي آخر هو الحقّ في التعليم. واوضحت مراحل التدهور الذي حصل في هذا القطّاع وتدني نسب الطلبة المنتظمين في الدراسة، في ظل إنعدام المؤسسات والبيئة التعليمية المناسبة للدراسة، وما جرى من تلاعب في المناهج الدراسية، وكيف تجري عمليات تصفية الأساتذة وغيرهم من الكفاءات العلمية العراقية في حملة منظّمة هدفها إفراغ البلاد من خيرة أبنائه ليتسنى للجهلة والأميين والفاسدين التحكّم بمقدّرات البلاد. كما أشارت الى أن نظام التعليم العالي في العراق يعاني من حالة انهيار جرّاء تدني المستوى العلمي، وتدنّي كفاءة التدريسيين، ورداءة الأنظمة التعليمية التي طبّقت بعد الغزو والإحتلال. في حين أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) قد وصفت في آذار/مارس2003، نظام التعليم في العراق على أنه، باستثناء فترة الحصار الاقتصادي في التسعينيات، فأن نظام التعليم في العراق كان واحداً من أفضل الأنظمة في المنطقة، وأشارت أن نسبة المنتظمين في الصفوف الدراسية في التعليم الابتدائي كانت تصل الى 100٪ في معدل الالتحاق الإجمالي وارتفاع مستويات الإلمام بالقراءة والكتابة، سواء من الرجال أو من النساء. وحثّت المنظمات غير الحكومية المجلس والمقرّر الخاص بالحقّ في التعليم أن يدرس موضوع التعليم في العراق بما يتطلبه من الجدّية وبما يساهم في وضع الحلول اللازمة للمستقبل.
معاناة المرأة العراقيّة
سلّطت المنظمات غير الحكومية في بياناتها ولقاءاتها الضوء على أن الانتهاكات التي يقترفها الاحتلال والحكومات التي نصبّها لحكم العراق في الوقت الذي تعدّ فيه إنتهاكاً لكل القيم والمواثيق الدولية، فانّها، وعلى وجه الخصوص، انتهاكات صارخة لحقوق المرأة العراقية المقرّرة في القواعد الآمرة لاتفاقيات حقوق الإنسان والتي أكدتها الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وقد كان العراق من أوائل الدول العربية والإسلامية التي المنّظمة إليها (عام 1986) والتي نصت في ديباجتها (على ضرورة استئصال شأفة الفصل العنصري وجميع أشكال العنصرية والتمييز العنصري والاستعمار الجديد، والعدوان والاحتلال اذ ان ذلك أساس في تمتع الرجال والنساء بحقوقهم تمتعا كاملاً)، إن الاتفاقية تؤكد أن حرّية الأوطان لازمة وشرط لحرية المرأة ولحرية الرجل. كما اكدّت المنظمات أن الإحتلال قد خلق بيئة خصبة لممارسة كافة أنواع الانتهاكات لحقوق اللمرأة العراقية، حيث تتعرض نساء العراق الى ابشع انواع المعاملة، ومنها التعذيب والاغتصاب من قبل اجهزة السلطات القائمة حالياً.
وقد أوضحت كيف ان جنود الاحتلال يقومون باعتقال زوجات من يشتبه بهم من المقاومين وتعريضهن للتعذيب الجسدي والجنسي وان هؤلاء المعتقلات محتجزات في اماكن سيئة للغاية كسجن الكاظميه وسجن المعسكر السري للاطفال والنساء في مطار المثنى ومعسكر شيخان للنساء في الموصل اضافه الى اعداد كبيره من السجون والمعتقلات في جنوب العراق. مشيرة الى أن حوادث الاغتصاب هذه لا تمثل الا 1% من حجم الجرائم التي تتعرض لها المعتقلات العراقيات في السجون واكد ت ان هنالك اعداد كبيره من المعتقلات تستمر عملية احتجازهن لا لشي الا لاغتصابهن رغم وجود امر قضائي باطلاق سراحهن، واضاف ان الشرطه التي تسيطر عليها المليشات لا تمتثل لاوامر القضاء. ونقلت عن المنظمة ألإقتصادية لغرب آسيا (الاسكوا) قولها ان ما يجري في العراق هو مثال على عملية التراجع الذي يحصل في حقوق المرأه مع نشوب الحروب فبعد ان حققت المرأه اشواطاً في تبؤ مراكز سياسيه واجتماعيه متقدّمه والوصول الى درجات عليا في العلم والعمل بفضل قوانين تنطوي على درجه كبيره من المساواة، إلاّ أنه تم استبدال قانون الاحوال الشخصيه بالقانون (137) وجرى اقرار دستور آخر للعراق يميّز بين المرأه والرجل ويعطي الحريه لكل طائفه لان تضع قوانينها الشخصيه وتحذّر الاسكوا من انه امام هذه الحاله فأن من المستحيل رصد القوانين التمييزيه اضافه الى التراجع عن حق العمل للمراه والرجل معا الذي ضمنه دستور 1970 وتحويله الى منطق فرص العمل في الدستور الذي اقرّ بعد الاحتلال. وتقول الأسكوا: أن حقوق المرأه العراقيه تتأكل باستمرار في كافة مناحي الحياة في حين يبقى العالم بعيدا وصامتاً. ونقلت تأكيد بعثة الامم المتحدة في تقاريرها ان اكثر من مئتي امرأة عراقية يقتلن حرقا سنوياً في ثلاث محافظات شمال العراق هي: اربيل والسليمانية ودهوك. ومن الواضح ان الامر لا علاقة له بجرائم الشرف كما يشاع وانما لاخفاء آثار جرائم الاغتصاب من قبل عناصر الاجهزة القائمة هناك.
معاناة أطفال العراق، وصمة عار على جبين الإنسانية
أوضحت المنظمات غير الحكومية أن الطفل، كان من اوائل ضحايا الغزو والإحتلال الأمريكي ـ البريطاني للعراق، فمنذ عام 2003، لقي مئات الأطفال العراقيين حتفهم جرّاء الغارات المباشرة المتعمدّة للمناطق الآهلة بالسكّان، وتشير الإحصاءات أن اكثر من ثلاثة ملايين طفل أصبحوا أيتاما جرّاء فقدان الأب أو الأم او كلاهما. وفي ظل الاحتلال حُرم الطفل العراقي من أبسط حقوقه في التعليم والعناية الصحية اللازمة.
كما أوضحت إن عدداً كبيراً من أطفال العراق قد اقتيدوا من مقاعد الدراسة ليجدوا أنفسهم في سجون لا توفّر أية رعاية إنسانية، ليخسروا بذلك مستقبلهم الدراسي بعد ان خسروا آبائهم او أمهاتهم جرّاء الغزو والاحتلال، حيث قامت قوات الاحتلال باعتقال مئات الأطفال بحجج شتى، وتعرضّوا لأبشع ضروب المعاملة اللاإنسانية من تعذيب واغتصاب وتجويع، فضلاُ عن أجواء الخوف وما تسببه العمليات العسكرية من رعب وشعور بعدم الأمان. لقد احتجزت الولايات المتحدة منذ عام 2003 زهاء 2400 طفل في العراق، بمن فيهم أطفال يبلغ عمرهم 10 أعوام. وكان معدلات الاحتجاز تتزايد في الأعوام الأخيرة لتصل إلى ما يُقدر في المتوسط بمائة طفل شهرياً، بعد أن كان المتوسط هو 25 طفلاً في الشهر خلال عام 2006. وفي ظل الاحتلال، ظهرت في العراق ولأول مرّة ظاهرة أطفال الشوارع، أطفال بلا مأوى وبلا عائلة يركنون إليها. كما ظهرت ولأول مرّة أيضا ظاهرة الاتجّار بالأطفال تنفذها عصابات متخصصة أمام مرأى قوات الإحتلال. أن بعض التقديرات تشيرإلى وجود مليون و600 ألف طفل مشرَّد، وكذلك 900. 000 ألف طفل معوَّق. وبسبب الفقر والعنف أيضاً، فقد هربت أعداد كبيرة من الاطفال الى الشوارع، لتصبح مشروعاً جاهزاً للقتل، والإجرام، ولقمة سائغة للتسول، والضياع!!
وبينت إن ما يتعرض له الأطفال في العراق، يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية، وقد وثّق ذلك في تقارير عدد من المنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووج، كما أشارت اليه تقارير فريق الأمم المتحدة في العراق (يونامي) المرتبط أساساً بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وتقارير اليونسيف، لكن لكن المؤسف عدم وجود إدراك حقيقي لهذه المأساة في عمل مجلس حقوق الإنسان، مما يخشى أن يكون ذلك أسهاماً في التغطية على جرائم أبشع إحتلال عرفه التاريخ الحديث.
الصحافة وحرية التعبير
كما سلطت المنظمات غير الحكومية الضوء على الأكاذيب والادعاءات التي تروج عن حرية التعبير وحرية الصحافة، مبيّنة أن ما يجري هو جزء من فوضى عارمة صنعها الاحتلال وأعوانه لغرض تمرير مشاريعهم والتغطية على جرائمهم. فالحقيقة الأكيدة ان العراقيين محرومون من حرّية التعبير الاّ اذا كانت لتأييد سياسات السلطة والاحتلال وتبرير عمليات القتل الجماعي. وأوضحت أن الأتحاد الدولي للصحفيين يصنّف العراق كأسوء بلد في مجال حرية الصحافة، امّا من تربّوا على تزوير الحقائق فأنهم سيقولون العكس من ذلك. واشارت كيف يلاحق الصحفيون، ويتعرضون الى مضايقات حكومية بشكاوى مبالغ بها، وتغلق مكاتبهم، او يجري تدميرها، وكيف يسمح فقط لأولئك الذين يساهمون في نشر الثقافة الطائفية بالعمل بكل حرية والثقافات الدخيلة على المجتمع العراقي. واوردت هذه المنظمات ما قاله الاتحاد الدولي للصحفيين في تقريره الذي نشر في شباط/فبراير2009، عن عمليات قتل الصحفيين في عام 2008، من أن العراق لا يزال البلد الأكثر خطورة على الرغم من الانخفاض الكبير من ضحايا وسائل الإعلام من 65 في عام 2007 إلى 16 في العام الماضي.
واكدّت المنظمات ان التمتع بالحقوق المدنية والسياسية لا يمكن ان يتم تحت الأحتلال، والعراق بلدٌ محتل ومن حق ابنائه الشرعي مقاومة هذا الاحتلال والتخلص منه.
معاناة اللاجئين العراقيين
تناولت المنظمات غير الحكومية في بياناتها ونشاطاتها معاناة اللاجئين والمهجرّين العراقيين وطالبت المجتمع الدولي بوضع حدّ لهذه المعاناة وتقديم كل المساعدات الممكنة للملايين من العراقيين الذين وجدوا أنفسهم، بسبب الغزو والاحتلال وما نجم عنه، دون مأوى وبدون مصدر عيش. وأوضحت أن معظم النازحين واللاجئين العراقيين قد نفد ما لديهم من مدّخرات جمعوها بعد بيع ممتلكاتهم، وهم الآن في ظروف بالغة السوء. وبينت أن إحصاءات الأمم المتحدة في حزيران/2009 تؤكد أن هنالك اكثر من خمسة ملايين عراقي بين لاجئ خارج البلاد او مهجّر داخلياً، تنقصهم ابسط مقومات الرعاية الصحية ويعيشون في ظروف بالغة الخطورة. وعبّرت عن استخفافها بما قاله رئيس وفد (العراق) في كلمته من أن المهجرين واللاجئين قد عادوا الى الوطن وهم ينعمون الآن برعاية حكومتة، الأمر الذي أثار سخرية الكثير من الوفود الحاضرة فاوضحت المنظمات غير الحكومية في بيانها كذب هذا الدعي مؤكدّة أن من يقول ان المهجّرين قد عادوا انما يوجّه اهانة للمجلس، وللدول التي تستضيف هؤلاء اللاجئين وهي حاضرة هنا. وأوضحت إن هذا الادعاء هو جزء من سياسة التضليل والخداع التي تمارسها السلطات العميلة لإخفاء حجم المعاناة وفداحتها وللتنصل من مسؤولياتها في ضرورة توفير البيئة المناسبة التي تسمح بالعودة الطوعية للاجئين العراقيين دون ضغوط ووعود كاذبة. وطالبت الدول الأعضاء بالامتثال بالتزاماتها المنصوص عليها في الميثاق وفي الإعلان العالمي لحقق الإنسان والاتفاقيات الدولية والعمل ما وسعها لتقديم كل الحماية والمساعدة الواجبة للاجئين العراقيين وافراد أسرهم.
وفي لقاءاتها على مدار النصف الأول من هذا العام، ومشاركتها ضمن الإجتماعات السنوية للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين (حزيران/2009)، ناقشت المنظمات غير الحكومية هذا الموضوع بالتفصيل وطالبت المفوضية بضرورة الإسراع بانجاز معاملات اللاجئين العراقيين، وضرورة تسجيل بقية اللاجئين وتزويدهم بالوثائق القانونية التي تكفل حصولهم على الحماية والرعاية المناسبة لحين عودتهم الى وطنهم بعد زوال الإحتلال.
محاكم غير شرعية وتخريبٌ يطال القضاء
تمثّل المحاكمات الكيدية والإنتقامية الجارية في العراق منذ الإحتلال الأمريكي هاجساً أساسياً في عمل المنظمات غير الحكومية اذ تعتبر ذلك عملا غير شرعي يخالف المبادئ الأساسية لشرعة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. كما تعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية فقد قوّضت النظام القضائي في العراق مثلما قوّضت كل اركان الدولة ومؤسساتها لتقيم نظاماً فاسداً. فمع انها قوة احتلال، إلا انها اقامت المحاكم الخاصة واخذت تعزل او تعيّن من تشاء من القضاة، وتحيل الى هذه المحاكم اسرى الحرب العراقيين في مخالفة صريحة لأتفاقيات جنيف، وتحرمهم حتى من حقّهم الأساسي في دفاع مناسب. وفي هذا الصدد أعادت ما سبق وأن ابلغت المجلس به في المناسبات السابقة من أن سلطات الاحتلال، قدّ غيّرت معظم القوانين الأساسية في العراق وأنها راحت تنشأ محاكم خاصة وتحاكم أعضاء النظام الوطني العراقي وكبار الموظفين الحكوميين في سابقة خطيرة من نوعها وفي خرق سافر لقواعد القانون الدولي الإنساني المنطبقة على قوات الاحتلال التي تحظر التلاعب بالنظام القضائي القائم. وأعادت تأكيدها أن المحكمة قد أنشأت في ظل احتلال أجنبي الأمر الذي يقّوض أي ادعاء بالمشروعية، وان القضاة قد اختيروا ودربّوا من قبل المحتل وضمن اعتبارات وميول سياسية معينة، وبالتالي فان عنصر الحيادية قد إنتفى تماماً. واستذكرت ما قد سبق للمفوضة السامية لحقوق الإنسان أن أكدت في مذكرتها المؤرخة في 9/2/2007 التي تضمنت رأياً قانونياً مفاده أنه لا يمكن أن تجري محاكمة عادلة وحقيقية ومستقلة في ظل الظروف التي يعيشها العراق، لكن المحكمة مستمرة في أعمالها وإصدار أحكام الإعدام انتقاما من كل أولئك الذين يمثلون خصوماً للسلطة التي أنشأها الاحتلال في العراق، وقد ظهر للعالم اجمع مدى فساد هذه السلطة.
وثمنّت المنظمات غير الحكومية ما قدّمه السيد ديسبوي المقرّر الخاص عن إستقلال القضاء والمحامين في تقاريره من ملاحظات بخصوص اوضاع النظام القضائي في العراق وأعمال ما يسمّى بالمحكمة الجنائية العراقية. فقد أكد اكثر من مرّة عدم شرعيتها، وان مجمل عملها هو خرق فاضح لمبادئ حقوق الإنسان. كما ان الولاية المحدودة للمحكمة، التي تمثّلت بمحاكمة أشخاص معينين ضمن فترة زمنية معينة، تؤكد الهدف الأنتقامي البحت لهذه المحكمة. ووفقا للمقرر الخاص، فإن هذه المحاكمات تنتهك المعايير الدولية بشأن الإجراءات القانونية التي يجب إتباعها في مثل هذه الحالات، فضلاُ عن انتهاكها أبسط معايير ومبادئ حقوق الإنسان، ولا سيما حقّ أيّ متهم في أن يحاكم من قبل محكمة مستقلة ومحايدة، وحقّه في الحصول على دفاع ملائم وفعّال، كما هو منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أن المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفية قدّ أكدّ في بياناته مواقف مماثلة في هذا الصدد.
وقد عبّرت عن استغرابها انه مع كل ذلك، فان هذه المحاكمات لا تزال مستمرة اليوم في ملاحقة العراقيين من دون أي احترام لمبادئ حقوق الإنسان، لا بلّ لقوانين هذه المحاكم رغم عدم عدالتها. وأن من ضمن الذين يحاكمون اسرى حرب كانوا في عهدة دولة الاحتلال (الولايات المتحدّة الامريكية) لكنها سلمتهم الى خصومهم ليمارسوا عملية انتقام يندى لها الجبين تعبيراً عن حقد اعمى. ولذلك أكدّت ضرورة ان يستمر المقرّر الخاص في متابعة هذا الامر وتثبيت ما يجري من خروقات لكي يتم لاحقاً احالة المسؤولين عن هذه المحاكم الى القضاء العادل. كما طالبت المقرّر الخاص بايلاء اهمية قصوى لمجمل عملية تخريب النظام القضائي في العراق الذي اصبح ينفذ اهواء وسياسات السلطة الفاسدة القائمة.
كما انتقدت المنظمات غير الحكومية عملية تشكيل محاكم دولية لأعتبارات سياسية بحتة لا علاقة لها بالبحث عن الحقيقة وتحقيق العدالة، ومن الامثلة على ذلك المحكمة الدولية المشكلة بخصوص لبنان، والمحكمة الدولية التي شكلت بخصوص السودان والمحاولات الرامية لمحاكمة الرئيس السوداني السيد عمر البشير. وأكدت أن ذلك يمثل تسييساً للنظام القضائي الدولي ويدخل المجتمع الدولي في فوضى عارمة حيث انتقائية المحاكمات طبقا لمصالح الدول الاقوى، مما يعيدنا الى عصر شريعة الغاب. وطالبت المجلس والمجتمع الدولي بالعمل على منع مثل هذه المحاكمات غير الشرعية.
استشراء الفساد
سلطت المنظمات غير الحكومية الضوء على ظاهرة الفساد الذي استشرى في العراق كنتيجة من نتائج الغزو والاحتلال الأمريكي. وشرحت كيف مارس الاحتلال عمليات إفساد واسعة ساهم بها أولئك الذين جاؤوا مع المحتل من اللصوص الدوليين والفاسدين وارباب السوابق، وهكذا انتشر الفساد في كل مفاصل الحياة وأصبح عائقاً أساسيا من عوائق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأوضحت انه في الوقت الذي يتصور فيه ملايين العراقيين جوعاً تجري عمليات نهب وتحويل ثروة العراق إلى الخارج لتودع في بنوك الدول التي ساهمت في غزو العراق واحتلاله بأسماء عوائل هؤلاء الفاسدين ممن وضعتهم الولايات المتحدّة على قمّة هرم السلطة في عراق اليوم. كما شرحت كيفية استخدام ما تسمى بحملة إعادة الأعمار كغطاء للنهب على حساب الشعب العراقي. وفي هذا الصدد أوضحت أن مئات من مليارات الدولارات الأمريكية اختفت في السنوات الخمس الماضية من الخزينة. وأوضحت أن تنازع المصالح بين اللصوص بات يسهم أيضا في كشف حجم السرقات ومن الذين يقومون بها. وبيّنت ما جاء في تقارير منظمة الشفافية الدولية من تقييم لأسوء الدول فساداً في العالم حيث يحتل العراق مكانته في الدرك الأسفل من القائمة. وفي هذا الصدد أعادت التأكيد ان استشراء الفساد يمثّل عائقاً أساسيا للتمتع بحقوق الإنسان مما يتطلب العمل على محاسبة المسئولين عنه وأحالتهم الى القضاء العادل.
الاعتداءات على الأقليات
ومن القضايا التي لفتت المنظمات غير الحكومية انتباه المجلس هي الاعتداءات على الأقليات التي تتصاعد منذ غزو العراق، وأشارت أن من الحالات الخطيرة في هذا الصدد هو ما حصل من إعتداءات ضد العائلات المسيحية في مناطق من محافظة نينوى حيث تعيش هناك منذ فجر التاريخ. وهناك عدد كبير من العائلات قد فروا من هذه المناطق نتيجة للتهديدات والاعتداءات، ونقلت عن إحصاءات لجهات تابعة للسلطات الحالية في العراق ومنها وزارة الهجرة والمهجرين ما يؤكدّ فرار آلاف العوائل من أماكن سكناهم. وأكدّت أن هناك العديد من التقارير، وشهادات شهود عيان تشير أن ما حدث من تهديدات كان يجري من قبل الميليشيات الكردية من أجل توسيع نطاق سيطرتها ويرتبط أيضا بالإعداد للانتخابات المحلية. وأن أعضاء بارزون في البرلمان العراقي الحالي قد أكدّوا ذلك ووجهوأ إتهامات مباشرة لهذه الميليشيات وحمّلوها المسؤولية عن ما حصل.
الأوضاع في شمال العراق
إن اوضاع حقوق الإنسان في المحافظات العراقية الثلاث شمال العراق، هي بالغة السوء ايضاً. وفي هذا الصدد أشارت المنظمات غير الحكومية إلى ما جاء في تقارير بعثة الأمم المتحدّة التي تؤكدّ انها تتلقي تقارير عن انتشار عمليات تعذيب السجناء في سجون حزبي البارزاني والطالباني وميليشياتهما وأجهزتهما الأمنية. وما يجري من عمليات اعتقال لمواطنين من مناطق سكنية خارج نطاق المحافظات الثلاث. وكذلك استمرار مطاردة وتهديد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان خاصة أولئك الذين يتناولون فساد أجهزة السلطة العائلية التي تحكم تلك المحافظات وكيف يجري تقسيم السلطات الرئيسية والمغانم بين عائلتي البرزاني والطلباني فقط. كما تناولت ظاهرة قتل النساء حرقاً، إذ بينت أن البعثة قد نشرت الإحصاءات عن انتشار هذه الظاهرة وهي إحصاءات مثيرة للفزع حيث تظهر تفشي ظاهرة قتل النساء الكردّيات حرقاً بإعداد تجاوزت المئات. ووفقا لبعثة الأمم المتحدة، فقد صدرت تقارير متضاربة من وسائل الإعلام والدوائر الرسمية في تلك المحافظات عن أوضاع النساء هناك. ولكن بعض المسؤولين ومنظمات المجتمع المدني، يؤكدون أن هناك زيادة مضطردة في أعمال العنف ضد المرأة في السنوات الأخيرة، في حين تدّعي السلطات القائمة هناك انخفاضها.
ويجدر بالذكر هنا أن البعثة أكدت في تقارير سابقة أن هناك ما يقرب من 300 امرأة كردّية تقتل سنوياً في محافظات دهوك واربيل والسليمانية شمال العراق، وأن اكثر من 200 منهم يقتلون حرقاً على نحو مثير للشبهات.
وفي الوقت الذي تحاول فيه السلطات القائمة هناك تصوير الأمر وكأنه جرائم شرف بينّت هذه المنظمات وجود شكوك قوية لدى العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، ومن المواطنين الساكنين تلك المناطق، إذ يرون في الأمر ظاهرة جديدة لم يألفها المجتمع العراقي من قبل، إذ لا يوجد في ظل أوضاع العراق حالياً ما يمكن أن يدعم وجود هذا العدد من جرائم الشرف في ثلاث محافظات فقط. كما أن ظاهرة القتل حرقاً، التي تحاول السلطات تصويرها وكأنها عمليات انتحار (تخلصاً من الفضيحة) لا يمكن قبولها أيضا، بل أن هنالك اعتقاد سائد أن هذه الظواهر الجديدة في العراق هي نتيجة لاستغلال بشع للسلطة والثروة من جانب أولئك الذين حصلوا على سلطات واسعة ومطلقة في المنطقة نتيجة لعدم وجود دور للحكومة المركزية بسبب الغزو والاحتلال، يضاف إلى ذلك إستفادتهم من عمليات الفساد المالي، وفسادهم الأخلاقي وما أشاعه الاحتلال الأمريكي من تهاون جرّاء عمليات الاغتصاب التي جرت في مناطق أخرى من العراق. وبالتالي يعتقد هؤلاء الناشطين أن معظم هذه الحالات هي ناجمة عن محاولة المجرمين طمس أي علامة على ما ارتكبوه من جرائم اغتصاب بحق النساء الكرديات شمال العراق، ولعدم الدخول في مشاكل اجتماعية في منظفة عشائرية فأنهم يلجئون إلى قتل أو حرق ضحاياهم من هؤلاء النساء. ونبهت إلى أن السلطات هنالك تسعى إلى التغطية على هذه الجرائم من خلال تشكيل اللجان التحقيقية الكاذبة التي سوف لن تختلف كثيرا عن اللجان التي تشكلها حكومة المالكي العميل وسلطات الاحتلال الأمريكي والتي لم تر نتائجها النور رغم انقضاء سنوات عدّة على تشكيلها.
الأسلحة المحظورة
أعادت المنظمات غير الحكومية تأكيداتها السابقة من أن قوات الاحتلال قد استخدمت، وتستخدم، الأسلحة التي حظرت بموجب القانون الدولي أو التي تعتبر غير مقبولة على نطاق واسع، بما فيها القنابل العنقودية والفوسفور الأبيض ومختلف الأسلحة الكيميائية التي استخدمت في العراق على نطاق واسع في المناطق المأهولة بالسكان المدنيين، وما جرى من استخدام واسع وغير مسبوق لمادّة اليورانيوم المنضّب في الاسحلة والمعدات العسكرية، كل ذلك يشكلّ خرقاً لمعايير القانون الإنساني الدولي الذي يحظر استخدام الأسلحة التي لا تميذز بين الأهداف العسكرية والمدنيين، والمؤدّية إلى إلحاق الضرر أو المعاناة التي لا داعي لها. وهناك حاجة ماسة لإجراء تحقيق شامل لتقييم الآثار الكاملة لهذه الأسلحة والمواد على الحياة في العراق وملاحظة أسباب تزايد نسب الإصابة بالأمراض السرطانية وأنواع أخرى من الأمراض التي من أهمها تزايد الولادات المشوهة التي أصبحت ظاهرة مؤلمة ومقلقة في كل مناطق العراق. وطالت بضرورة أحالة المسئولين عن استخدام هذه المواد إلى القضاء الدولي لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق أبناءالشعب العراقي.
نشاطات المنظمات العربية غير الحكومية
في المؤتمر الاستعراضي عن العنصرية
في سياق مشاركتها الفاعلة في أعمال منتدى المجتمع المدني الذي عقد في جنيف في الفترة من 17 إلى 19/4/2009 وفي أعمال المؤتمر الحكومي المنعقد في الفترة من 20 الى 24 من نفس الشهر، ضمن المؤتمر الإستعراضي لمؤتمر ديربان عن العنصرية، أكدّت المنظمات غير الحكومية العربية موقفها بخصوص الغزو الأمريكي ـ البريطاني للعراق واحتلاله، إذ جاء في بيانها الذي أصدرته في جنيف بتأريخ 24/4/2009، "أن الحرب والاحتلال سبب رئيس لتزايد الكراهية بين الشعوب وهما ممارستان عنصريتان ندينهما بشدة ونطالب المجتمع الدولي باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع تجدد النزاعات والحروب مهما كانت أسبابها. وفي هذا الصدد نكرر إدانتنا للغزو والاحتلال الأمريكي للعراق وما ارتكب من جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحق الشعب العراقي، حيث التعذيب، وعمليات الإعدام خارج القضاء، والاعتقالات الجماعية التعسفية، وحرمان النساء والأطفال من ابسط الحقوق. وعلاوة على ذلك، يحرم العراقيون اليوم من الرعاية الصحية الأساسية والتعليم ومياه الشرب والمرافق الصحية الملائمة التي طالها دمار الحرب والاحتلال. إن حالة حقوق الإنسان في العراق تثير الفزع الشديد، مما يتطلب تقديم كل المسئولين عنها للعدالة لينالوا جزاءهم، كما نطالب بتحميل دول الغزو والاحتلال المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة بما في ذلك دفع تعويضات كاملة عن كل ما قاموا به".
وكان السيد رامزي كلارك، المدّعي العام الأميركي الأسبق، أحد كبار ضيوف منتدى المنظمات غير الحكومية قد القى كلمة امام المشاركين في المؤتمر القادمين من مختلف قارّات العالم، شنّ فيها هجوماً لاذعاً على الإدارة الأمريكية بسبب سياستها الى قادت الى غزو وإحتلال العراق، وقد تناول تلك السياسة منذ فرض الحصار الإقتصادي وما نجم عنه من ضحايا، ثم فرض مناطق حظر الطيران، والإعتداءات المتكرّرة، وشلّ عمل لجنة نزع الأسلحة، ثم ما جرى من تهيئة للغزو ومحاولة فرض أكاذيب على العالم عن العراق وقيادته، ثم تناول ما جرى بعد الغزو والإحتلال من تدمير وإنتهاكات، وتناول بشكل خاص أعمال المحاكم الخاصّة وكيف انها كانت محاكمات غير شرعية ولا تمتلك ابسط معايير المحاكمات العادلة، وطالب بضرورة العمل على محاكمة كل الذين ساهموا في معاناة الشعب العراقي من الساسة الغربيين واعوانهم.
المطالبة بوضع حالة حقوق الإنسان على جدول الأعمال
أكدّت المنظمات غير الحكومية أنه على الرغم من كل الحقائق المؤلمة عن حالة حقوق الإنسان في العراق، إلاّ أن المجلس لم يناقش هذه الحالة منذ عام 2003 أي بعد الغزو والإحتلال، كحالة مستقلة توضع على جدول الأعمال وتجري مناقشة معمقة لها. وتساءلت عن أسباب عدم مناقشتها، او السكوت عليها هل بسبب أن الطرف الذي يقوم بها مخوّل بأن يرتكب ما يشاء من الإنتهاكات، ام لأن الضحايا هم صنفٌ آخر من البشر لا يستحقون اهتمام المجلس الموقّر؟ مؤكدة أن من حقّ العراقيين ان يسألون بكل الم، وحيرة، وان يشكّكوا بنوايا كل من يتحدّث عن حقوق الإنسان ولا يتطرق الى ما معاناتهم اليومية.
وقد جرى تذكير المجلس بما قاله رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدّة السيد ميغيل بروكمان، في بيانه امام الجزء رفيع المستوى لإجتماعات الدورة العاشرة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، بتاريخ 4/3/2009 من "أن خبراء مستقلين وموثوقين يقدرون أن أكثر من مليون عراقي لقوا حتفهم كنتيجة مباشرة للغزو غير المشروع لبلدهم. كما أن مختلف هيئات الامم المتحدة لحقوق الانسان أعدت التقارير تلو التقارير التي توثّق سلسلة انتهاكات لا تنتهي من جرائم الحرب، وإنتهاك حقوق الطفل والمرأة، والحقوق الاجتماعية، والعقاب الجماعي، ومعاملة أسرى الحرب، والاحتجاز غير القانوني للمدنيين. هذه يجب أن نتناولها بإتجاه وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب الحالية المخزية". وأضاف السيد بروكمان قائلاً: "إن من المفارقات أن قبل ما يقرب من عشرين عاماًَ قبل الغزو والاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة، كان هنالك مقرّر خاص بشأن العراق، لكن هذا المنصب ألغي عام 2003 أي عندما بدأت تتكشف أكبر كارثة إنسانية على الأرض في العراق. إن مصادر موثوق بها تقدّر أن هناك أكثر من مليون من الوفيات بين المدنيين في العراق كنتيجة مباشرة للغزو والاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة، ومع ذلك لا يزال ليس هناك مقرّر خاص، إن ذلك إهمال خطير ينبغي تصحيحه". وتساءل السيد ديسكوتو، "ماذا يمكن للمجلس أن يفعل؟ أنا أحثّكم على وضع حالة حقوق الإنسان في العراق على جدول أعمال مجلسكم. يمكنكم مثلا بحث أمر تعيين آلية خاصة لكي تتولى تقديم التقارير عن حالة حقوق الإنسان هناك. يمكنكم أيضا النظر في التقارير المقدّمة من مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي أعدتها بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (يونامي)".
وكان رئيس الجمعية العامة قد أكد في بيانه أمام المجلس أيضا، أنه "حتى عندما يستوعب العالم، وحشية غزو قطاع غزة في الآونة الأخيرة، نرى أن العراق هو النموذج المعاصر والمستمر الذي يؤكد كيف أن الاستخدام غير المشروع للقوة يؤدّي، لا محالة، إلى المعاناة الإنسانية، وعدم احترام حقوق الإنسان. لقد أنشأ هذا (الغزو) عدداً من السوابق التي لا يمكن أن نسمح باستمرارها"
وواصل السيد ديسكوتو إدانته لغزو واحتلال العراق بالقول، "إنه لا يوجد أدنى شك من عدم مشروعية استخدام القوة ضد العراق إذ انها تتعارض مع حظر استخدام القوة الوارد في المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة. إن كل المبررات التي أوردت في العدوان على العراق وأفغانستان، وإحتلالهما، تمثّل فظائع يتوجب إدانتها ورفضها من جميع الذين يؤمنون بسيادة القانون في العلاقات الدولية".
وفي هذا السياق أكدت المنظمات غير الحكومية إن ما يجري في العراق يشكل تحدياً لجميع المعنيين بحقوق الإنسان ولجميع الحكومات، وأن المجلس لا يمكن أن يبقى صامتا بل يجب الشروع باجراء نقاش معمّق حول هذه المأساة الكبرى لحقوق الإنسان. وحثت المنظمات غير الحكومية المجلس والمفوضية السامية للبحث الجاد في هذه الحالة باعتبارها واحدة من القضايا الملحة للغاية التي يجب أن تدرج على جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان. وكخطوة أولى، اقترحت إعادة تعيين مقرر خاص بشأن العراق، الذي لم تجدّد ولايته بعد الغزو عام 2003.
روابط بعض البيانات كما نشرت على موقع الامم المتحدة/مجلس حقوق الإنسان
البيانات المكتوبة
http://ap. ohchr. org/documents/sdpage_e. aspx?b=10&se=83&t=7
يمكن قراءتها بالضغط على هذا الرابط وهي بالأنكليزية فقط وبالأرقام المبينة ادناه
A/HRC/10/NGO/100، 97، 98، 99، 108، 114، 121، 3،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق