د. عبد الكاظم العبودي
عندما اقترن اسم منتظر الزيدي بذلك اليوم التاريخي البطولي لشعب العراق، بموقف أحد أبنائه البررة، حين وقع بحذائه مرسوم العقاب العادل بوجه بوش وإدارته الأمريكية وقوات احتلاله وحكومة العملاء في المنطقة الخضراء.
سمعنا حينها أنه دخل القاعة بصفة مراسل صحفي لفضائية "البغدادية" العراقية يوم 14/12/2008 لتغطية المؤتمر الصحفي الخاص بتوقيع اتفاقية الإذعان سيئة الصيت. لكن مثل هذا الاقتران بالبغدادية، كقناة فضائية لم يعد مطلق الوشائج أبدا، عندما يتحرر منتظر الزيدي ويخرج من سجنه بعد اكمال جزء من محكوميته، ولا يمكن القبول بأن تحاول البغدادية الاعلان بفك أسره باسمها إلى الأبد ليبقى الرجل رهين وظيفة إعلامية سابقة له قد تكون ساعدته للدخول إلى تلك القاعة بصفته صحافيا عندما حضر ورأى القاتل جورج بوش مفتخرا بنهاية حقبة من حقب الاحتلال البغيض بتوقيع الاتفاقية الأمنية التي رهنت مستقبل شعب وأرض العراق بتوقيعه مع تواقيع حفنة من العملاء العراقيين من المتصدرين لما يسمى بالعملية السياسية التي نصبت حكومة الاحتلال الرابعة برئاسة العميل المالكي..
مسار الأحداث التي تبعت ذلك الموقف البطولي لمنتظر قد هز العالم وأشر بنهاية بائسة لجورج بوش وحلفائه ومهد الهزيمة للجمهوريين من بعده، لا بد أن يُسجل لمنتظر الزيدي إقدامه عليه وحده، وهو الذي فكر به مليا، وخطط له ونفذه بجرأة قل نظيرها، وكان له القدر كما أراد بفتوة واندفاع الشاب العراقي الثائر عندما كان مستعدا للشهادة، متجردا حتى من بطاقة تعريفه الوظيفية والشخصية واعلانه انه لم يكن تابعا لأي جهة، وتحمل ساعات التعذيب الاولى محافظا على سلامة أصدقائه كما قال في مقابلته التلفزيونية الوحيدة للبغدادية.
حدد منتظر الزيدي بوضوح انتسابه للوطن الواحد، لا غير، وظل مدافعا بموقفه عن العراقيين الأحرار الرافضين للاحتلال، واستنكاره لخنوع عبيد الاحتلال وموظفيه. هنا لابد من الاعتراف بالجميل لكل أحرار العالم من ناصروه وتضامنوا مع قضيته والدفاع عن حياته. هذا العالم الحر من أقصاه إلى أقصاه سجل مواقف مشرفة في هبة تاريخية تضامنية قل نظيرها وقفت مع منتظر ومع شعبه العراقي الصابر.
وعندما غابت أخباره خلف قضبان السجن، كانت تصل بعض منها إلى كل إنسان محبا للحرية والسلام، متعاطفا قلبا وروحا مع منتظر في العالم بأسره، عن طريق هيئة دفاعه وعائلته. واليوم خرج منتظر الزيدي، وشاهدنا أبواق حكومة العملاء تتجاهله بكل الوسائل وعملت على تحجيم خبر إطلاق سراحه، وحرمت أبناء شعبنا من التغطية الإعلامية التي يستحقها منتظر. وما عدا جزء محدد من لقطات وصوله إلى مقر استوديوهات البغدادية ببغداد وبعدها المؤتمر الصحفي الذي يبدو انه كان غير مبرمج، لكن منتظر الزيدي بذكائه مرر رسالته بقوة إلى العالم من خلال الندوة الصحفية، مكتفيا بقراءة بيانه، من دون حوار مع الصحفيين، ورغم التعب الذي أوهنه، ورهبة موقف انتظاره المصير القادم لكنه بدا متماسكا وشجاعا صلبا.
وهكذا وبسرعة غادر منتظر الزيدي بغداد، قيل بمساعدة مدير وصاحب قناة البغدادية وشاهدناه في دمشق ثم انقطعت أخباره، وبقينا متشوقين لمعرفة تفاصيل قصته ومدى معاناته خلال تلك الفترة.
لابد من تسليط الضوء هنا عما صرح به منتظر الزيدي عن ظروف اعتقاله وسجنه من خلال تلك المقابلة التي أجراها معه الإعلامي عبد الحميد الصائح حصريا لقناة البغدادية. هذه المقابلة التي بدت في حواريتها مع منتظر كانت أقرب إلى التحقيق، منها إلى التعاطف المعلن مع هذا البطل. كانت الأسئلة التي لبست لبوس الموضوعية الإعلامية حاولت أن تعكس حيادية القناة من الحدث، لكنها أوقعت منتظر الزيدي في حيرة واضحة من طريقة الحوار، وأسهمت في قطع سلسلة أفكاره، لكي يسرد بها الحقائق للرأي العام العالمي ولشعبه كما عايشها منذ لحظة اعتقاله الى يوم حريته، ولوصف ما جرى له من تعذيب على يد جلاوزة وحماية المالكي فقط كما أراد أن يتكلم عن ذلك منتظر الزيدي من دون أن تمنح له الفرصة جيدا لفضح كواليس التعذيب، وفضح الذين كانوا قائمين على تعذيبه.
وهنا لابد أن أشير إلى قضية غاية في الأهمية حول مسرى الأحداث التي جرت لمنتظر من خلال تلك المقابلة. وهو أن مقابلة البغدادية لمنتظر التي بثت خلال أيام العيد لم تحظ بكل الاحترام الواجب التهيأة له وبمستوى يقابل ويبجل ويكرم حجم البطولة والتضحية التي يستحقها ابن العراق البار، كما أن مسار الاسئلة المطروحة عليه بدقة قد برأت أطرافا عديدة من مسؤولية تعذيبه أو المتاجرة بقضيته لأغراض شتى معروفة. حقيقة كان الحوار في تلك المقابلة مغيضا، ونعتبره مقصرا في حق منتظر وحق الرأي العام. وهكذا مرت المقابلة مع البغدادية من دون التوسع في مواضيع نعتبرها فرصة تاريخية لمنتظر كي يبوح عنها، ومرت أجزاء المقابلة ضمن فقرات برامج ترفيهية لاحتفالات البغدادية بمناسبة عيدها الرابع وعيد الفطر.
لكن ورغم كل هذا لاحظنا أكثر من هذا، فخلال المقابلة جذبتني نقطة مهمة تطرق لها منتظر حينها. وهي توحي وكأن الأمريكيين بعد ضرب رئيسهم بوش بالحذاء تركوا الأمر لجلاوزة وحماية المالكي التكفل باعتقال واستجواب منتظر، وفُهم من المقابلة أن الامريكيين ظلوا بعيدا عن منتظر، من دون أن يتدخلوا، لا في الضرب في القاعة، او في الساحة الخلفية للقاعة، ولم يجري الحديث عنهم في مراحل التحقيق والمحاكمة ولم يُنسب لهم دور في التعذيب، ولا حتى التدخل في قضية الحكم عليه في المحكمة، أو متابعة ظروف سجنه لاحقا، وكأن الامريكيين قد تركوا مصير منتظر بيد العملاء العراقيين من دون اهتمام به ومعرفة أسرار بفعلته أو دوافعه أو من هي الجهة التي حرضته؟
كل هذه التساؤلات تظل غامضة عن الدور الامريكي خلال فترة اعتقال وسجن منتظر، والأكثر غموضا هو أن منتظر لم يشر إلى الأمريكيين بعد اعتقاله إلا في ذكر قضية واحدة، بدت هامشية تماما للمشاهدين، بقوله إنه انتبه لمجيء جنديين أمريكيين فقط، وقد سحبوا منه عينتين من دمه لإجراء الفحص. والفحص هذا، كما عبر عنه منتظر الزيدي بقوله، كان لأجل ألتأكد من انه لم يكن مخمورا أو تحت تأثير المخدرات. وهذه هي النقطة المهمة التي أثارتني من حديثه، وجذبت انتباهي، وأنا اعرف ان العينة الدموية من منتظر هامة بالنسبة للأمريكيين للتحليل ومنها التثبت من الحمض النووي، ولا استبعد غايات أخرى، كان على الجهات العراقية أن تتكفل بها وحدها، فقد تكون مثل تلك الحقن التي تم بواسطتها سحب الدم من منتظر قد حملت فيروسات أو مواد سامة أو قاتلة أو ممرضة، أو لا سمح الله مسرطنة.
ولكي اختم مقالي هذا، يساورني قلق كبير عن غموض بعض الأمور في تلك المقابلة، منها الوضع الصحي الحقيقي لمنتظر، ،وأرى أنه لابد أن يطلع شعبنا العراقي عن ملف حالة منتظر الصحية، وعرضه أمام لجنة وطنية ودولية محايدة، لوضع تقرير طبي علمي عن كل وضعه الصحي. كما أن الاشادة بما يسمى وجود "قضاء عراقي عادل" كان متوفرا في عرض قضيته تثير الشكوك خصوصا ان هذا القضاء المعروف بخدمته لحكومات الاحتلال المتتابعة وخاصة حكومة المالكي الرابعة. هذا القضاء بسرعة تداوله وحكمه وتمييزه ومن ثم تخفيف الحكم بقضية منتظر يثير الشكوك، وقد تخفي سرعة الاستجابة لتخفيف الحكم عليه سواء عند محكمة التمييز لدى المحكمة العليا آو تخفيض الشهور الثلاث من سنة محكوميته بعض ما ستكشف عنه الايام مستقبلا.
وختاما لا تُعرف الجهة المسؤولة اليوم عن أمن واقامة وحياة منتظر الزيدي، لذا يساورنا قلق كبير لكثير من الغموض حوله، وما لم يعرض منتظر الزيدي وبسرعة لإجراء فحوصات طبية دقيقة، فان احتمالات تصفيته تظل قائمة، وهو ما عبر عنه منتظر، وخاصة عندما تركوه ليلة كاملة "في خرابة" أو" بيت مهجور"، كما وصفه منتظر، بيت من دون حراسة مشددة، ويدا منتظر مشدودتان بخرقة تمكن من حل وثاقها، كما اعترف بذلك منتظر، وربما كانت تلك الحالة مقصودة لتوفير الفرصة له للهروب، وتبرير تصفيته حينها.. لكن منتظر تكابر واستبعد فكرة الهرب منتظرا الصباح في ذلك البيت المهجور في المنطقة الخضراء. رفض أن يهرب، وكان الهرب متاحا له، وربما كانت هناك بندقية قنص أمريكية تنتظر هروبه لتقتله وتسجل القضية ضد مجهول.وما لم ينتقل منتظر إلى جهة موثوق بها تتعاطف مع بطولته وقضية شعبه، فان المخاطر المحتملة تتراكم حوله، رغم أن البطل لازال ينطق الشهادتين ومستعد للشهادة مرة أخرى. لنعمل جميعا على حماية منتظر الزيدي ومتابعة ولي أمره الآن. لأن مهمة الأمريكيين وانتقام مجرمي بوش لم ينته بعد، حتى وان صرح بالأمس الناطق باسم الخارجية الأمريكية بسعادة الخارجية الأمريكية لسماعها إطلاق سراح منتظر الزيدي. ولا ندري سر مثل هذه السعادة الأمريكية وما تخفي ورائها سيكون كثيرا
عندما اقترن اسم منتظر الزيدي بذلك اليوم التاريخي البطولي لشعب العراق، بموقف أحد أبنائه البررة، حين وقع بحذائه مرسوم العقاب العادل بوجه بوش وإدارته الأمريكية وقوات احتلاله وحكومة العملاء في المنطقة الخضراء.
سمعنا حينها أنه دخل القاعة بصفة مراسل صحفي لفضائية "البغدادية" العراقية يوم 14/12/2008 لتغطية المؤتمر الصحفي الخاص بتوقيع اتفاقية الإذعان سيئة الصيت. لكن مثل هذا الاقتران بالبغدادية، كقناة فضائية لم يعد مطلق الوشائج أبدا، عندما يتحرر منتظر الزيدي ويخرج من سجنه بعد اكمال جزء من محكوميته، ولا يمكن القبول بأن تحاول البغدادية الاعلان بفك أسره باسمها إلى الأبد ليبقى الرجل رهين وظيفة إعلامية سابقة له قد تكون ساعدته للدخول إلى تلك القاعة بصفته صحافيا عندما حضر ورأى القاتل جورج بوش مفتخرا بنهاية حقبة من حقب الاحتلال البغيض بتوقيع الاتفاقية الأمنية التي رهنت مستقبل شعب وأرض العراق بتوقيعه مع تواقيع حفنة من العملاء العراقيين من المتصدرين لما يسمى بالعملية السياسية التي نصبت حكومة الاحتلال الرابعة برئاسة العميل المالكي..
مسار الأحداث التي تبعت ذلك الموقف البطولي لمنتظر قد هز العالم وأشر بنهاية بائسة لجورج بوش وحلفائه ومهد الهزيمة للجمهوريين من بعده، لا بد أن يُسجل لمنتظر الزيدي إقدامه عليه وحده، وهو الذي فكر به مليا، وخطط له ونفذه بجرأة قل نظيرها، وكان له القدر كما أراد بفتوة واندفاع الشاب العراقي الثائر عندما كان مستعدا للشهادة، متجردا حتى من بطاقة تعريفه الوظيفية والشخصية واعلانه انه لم يكن تابعا لأي جهة، وتحمل ساعات التعذيب الاولى محافظا على سلامة أصدقائه كما قال في مقابلته التلفزيونية الوحيدة للبغدادية.
حدد منتظر الزيدي بوضوح انتسابه للوطن الواحد، لا غير، وظل مدافعا بموقفه عن العراقيين الأحرار الرافضين للاحتلال، واستنكاره لخنوع عبيد الاحتلال وموظفيه. هنا لابد من الاعتراف بالجميل لكل أحرار العالم من ناصروه وتضامنوا مع قضيته والدفاع عن حياته. هذا العالم الحر من أقصاه إلى أقصاه سجل مواقف مشرفة في هبة تاريخية تضامنية قل نظيرها وقفت مع منتظر ومع شعبه العراقي الصابر.
وعندما غابت أخباره خلف قضبان السجن، كانت تصل بعض منها إلى كل إنسان محبا للحرية والسلام، متعاطفا قلبا وروحا مع منتظر في العالم بأسره، عن طريق هيئة دفاعه وعائلته. واليوم خرج منتظر الزيدي، وشاهدنا أبواق حكومة العملاء تتجاهله بكل الوسائل وعملت على تحجيم خبر إطلاق سراحه، وحرمت أبناء شعبنا من التغطية الإعلامية التي يستحقها منتظر. وما عدا جزء محدد من لقطات وصوله إلى مقر استوديوهات البغدادية ببغداد وبعدها المؤتمر الصحفي الذي يبدو انه كان غير مبرمج، لكن منتظر الزيدي بذكائه مرر رسالته بقوة إلى العالم من خلال الندوة الصحفية، مكتفيا بقراءة بيانه، من دون حوار مع الصحفيين، ورغم التعب الذي أوهنه، ورهبة موقف انتظاره المصير القادم لكنه بدا متماسكا وشجاعا صلبا.
وهكذا وبسرعة غادر منتظر الزيدي بغداد، قيل بمساعدة مدير وصاحب قناة البغدادية وشاهدناه في دمشق ثم انقطعت أخباره، وبقينا متشوقين لمعرفة تفاصيل قصته ومدى معاناته خلال تلك الفترة.
لابد من تسليط الضوء هنا عما صرح به منتظر الزيدي عن ظروف اعتقاله وسجنه من خلال تلك المقابلة التي أجراها معه الإعلامي عبد الحميد الصائح حصريا لقناة البغدادية. هذه المقابلة التي بدت في حواريتها مع منتظر كانت أقرب إلى التحقيق، منها إلى التعاطف المعلن مع هذا البطل. كانت الأسئلة التي لبست لبوس الموضوعية الإعلامية حاولت أن تعكس حيادية القناة من الحدث، لكنها أوقعت منتظر الزيدي في حيرة واضحة من طريقة الحوار، وأسهمت في قطع سلسلة أفكاره، لكي يسرد بها الحقائق للرأي العام العالمي ولشعبه كما عايشها منذ لحظة اعتقاله الى يوم حريته، ولوصف ما جرى له من تعذيب على يد جلاوزة وحماية المالكي فقط كما أراد أن يتكلم عن ذلك منتظر الزيدي من دون أن تمنح له الفرصة جيدا لفضح كواليس التعذيب، وفضح الذين كانوا قائمين على تعذيبه.
وهنا لابد أن أشير إلى قضية غاية في الأهمية حول مسرى الأحداث التي جرت لمنتظر من خلال تلك المقابلة. وهو أن مقابلة البغدادية لمنتظر التي بثت خلال أيام العيد لم تحظ بكل الاحترام الواجب التهيأة له وبمستوى يقابل ويبجل ويكرم حجم البطولة والتضحية التي يستحقها ابن العراق البار، كما أن مسار الاسئلة المطروحة عليه بدقة قد برأت أطرافا عديدة من مسؤولية تعذيبه أو المتاجرة بقضيته لأغراض شتى معروفة. حقيقة كان الحوار في تلك المقابلة مغيضا، ونعتبره مقصرا في حق منتظر وحق الرأي العام. وهكذا مرت المقابلة مع البغدادية من دون التوسع في مواضيع نعتبرها فرصة تاريخية لمنتظر كي يبوح عنها، ومرت أجزاء المقابلة ضمن فقرات برامج ترفيهية لاحتفالات البغدادية بمناسبة عيدها الرابع وعيد الفطر.
لكن ورغم كل هذا لاحظنا أكثر من هذا، فخلال المقابلة جذبتني نقطة مهمة تطرق لها منتظر حينها. وهي توحي وكأن الأمريكيين بعد ضرب رئيسهم بوش بالحذاء تركوا الأمر لجلاوزة وحماية المالكي التكفل باعتقال واستجواب منتظر، وفُهم من المقابلة أن الامريكيين ظلوا بعيدا عن منتظر، من دون أن يتدخلوا، لا في الضرب في القاعة، او في الساحة الخلفية للقاعة، ولم يجري الحديث عنهم في مراحل التحقيق والمحاكمة ولم يُنسب لهم دور في التعذيب، ولا حتى التدخل في قضية الحكم عليه في المحكمة، أو متابعة ظروف سجنه لاحقا، وكأن الامريكيين قد تركوا مصير منتظر بيد العملاء العراقيين من دون اهتمام به ومعرفة أسرار بفعلته أو دوافعه أو من هي الجهة التي حرضته؟
كل هذه التساؤلات تظل غامضة عن الدور الامريكي خلال فترة اعتقال وسجن منتظر، والأكثر غموضا هو أن منتظر لم يشر إلى الأمريكيين بعد اعتقاله إلا في ذكر قضية واحدة، بدت هامشية تماما للمشاهدين، بقوله إنه انتبه لمجيء جنديين أمريكيين فقط، وقد سحبوا منه عينتين من دمه لإجراء الفحص. والفحص هذا، كما عبر عنه منتظر الزيدي بقوله، كان لأجل ألتأكد من انه لم يكن مخمورا أو تحت تأثير المخدرات. وهذه هي النقطة المهمة التي أثارتني من حديثه، وجذبت انتباهي، وأنا اعرف ان العينة الدموية من منتظر هامة بالنسبة للأمريكيين للتحليل ومنها التثبت من الحمض النووي، ولا استبعد غايات أخرى، كان على الجهات العراقية أن تتكفل بها وحدها، فقد تكون مثل تلك الحقن التي تم بواسطتها سحب الدم من منتظر قد حملت فيروسات أو مواد سامة أو قاتلة أو ممرضة، أو لا سمح الله مسرطنة.
ولكي اختم مقالي هذا، يساورني قلق كبير عن غموض بعض الأمور في تلك المقابلة، منها الوضع الصحي الحقيقي لمنتظر، ،وأرى أنه لابد أن يطلع شعبنا العراقي عن ملف حالة منتظر الصحية، وعرضه أمام لجنة وطنية ودولية محايدة، لوضع تقرير طبي علمي عن كل وضعه الصحي. كما أن الاشادة بما يسمى وجود "قضاء عراقي عادل" كان متوفرا في عرض قضيته تثير الشكوك خصوصا ان هذا القضاء المعروف بخدمته لحكومات الاحتلال المتتابعة وخاصة حكومة المالكي الرابعة. هذا القضاء بسرعة تداوله وحكمه وتمييزه ومن ثم تخفيف الحكم بقضية منتظر يثير الشكوك، وقد تخفي سرعة الاستجابة لتخفيف الحكم عليه سواء عند محكمة التمييز لدى المحكمة العليا آو تخفيض الشهور الثلاث من سنة محكوميته بعض ما ستكشف عنه الايام مستقبلا.
وختاما لا تُعرف الجهة المسؤولة اليوم عن أمن واقامة وحياة منتظر الزيدي، لذا يساورنا قلق كبير لكثير من الغموض حوله، وما لم يعرض منتظر الزيدي وبسرعة لإجراء فحوصات طبية دقيقة، فان احتمالات تصفيته تظل قائمة، وهو ما عبر عنه منتظر، وخاصة عندما تركوه ليلة كاملة "في خرابة" أو" بيت مهجور"، كما وصفه منتظر، بيت من دون حراسة مشددة، ويدا منتظر مشدودتان بخرقة تمكن من حل وثاقها، كما اعترف بذلك منتظر، وربما كانت تلك الحالة مقصودة لتوفير الفرصة له للهروب، وتبرير تصفيته حينها.. لكن منتظر تكابر واستبعد فكرة الهرب منتظرا الصباح في ذلك البيت المهجور في المنطقة الخضراء. رفض أن يهرب، وكان الهرب متاحا له، وربما كانت هناك بندقية قنص أمريكية تنتظر هروبه لتقتله وتسجل القضية ضد مجهول.وما لم ينتقل منتظر إلى جهة موثوق بها تتعاطف مع بطولته وقضية شعبه، فان المخاطر المحتملة تتراكم حوله، رغم أن البطل لازال ينطق الشهادتين ومستعد للشهادة مرة أخرى. لنعمل جميعا على حماية منتظر الزيدي ومتابعة ولي أمره الآن. لأن مهمة الأمريكيين وانتقام مجرمي بوش لم ينته بعد، حتى وان صرح بالأمس الناطق باسم الخارجية الأمريكية بسعادة الخارجية الأمريكية لسماعها إطلاق سراح منتظر الزيدي. ولا ندري سر مثل هذه السعادة الأمريكية وما تخفي ورائها سيكون كثيرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق