كشفت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور عن حالة السجون العراقية المزرية مع تسارع وتيرة تحويل الأميركيين للمعتقلين العراقيين لديهم إلى السلطات العراقية، ونشرت الصحيفة تحقيقا لمراسلها في العراق سلط فيه الضوء على ظروف السجون التي تديرها حكومة المالكي، فوصف الأوضاع المزرية لنزلاء تلك السجون بأنها قائمة على ثقافة التعذيب. وبدأ تحقيق المراسل بوصف سجن هبهب قرب مدينة بعقوبة قائلا: "الحر والظلام والعرق هي الثلاثية التي تميز معتقل هبهب الذي هو في واقع أمره غرفة بطول ستة أمتار وعرض ثلاثة، تأوي -حسب الحارس- 74 من النزلاء فيما يقيم 85 آخرون في ممرها وهناك 12 سجينا آخر قرب الحمام". إنها حالة مزرية تدحض كل ادعاءات الحكومة العراقية بأنها تراعي الجانب الإنساني في علاقاتها مع السجناء والمعتقلين. إلا أنها بالحقيقة علاقات تقوم على الكراهية وعلى ثقافة التعذيب المتأصلة لدى المسؤولين عن هذه السجون. ويعطي هذا السجن (حسب تحقيق آليس فوردام مراسل كريستيان ساينس مونيتور) صورة نمطية لحال السجون العراقية. ولا يعطي العقيد برت تومبسون من سلطات الاحتلال الذي يزور السجون العراقية على أساس إطار الشراكة مع قوات الأمن العراقية المحلية صورة أفضل لحال هذه السجون، إذ يقول متذمرا: "هذه السجون مقززة ومن يدخل إليها لا يتمالك أن يتقيأ فليس بها تكييف للهواء وماؤها مصبوب في أحواض صغيرة وليس بها غذاء يذكر والأمل فيها مفقود". ويقول العقيد تومبسون الذي يزور سجون حكومة المالكي الكارتونية بتكليف من سلطة الاحتلال التي يبدو أنها تظهر رحمة اكثر من الحكومة العراقية بمواطنيها!! يقول تعليقا على زيارته لسجن "خميس" ببعقوبة: "لم يخطر على بالي قط أن البشر يمكن أن يعيشوا في مثل هذه الظروف". غير أن هذه هي نفس المعتقلات التي ينتظر أن تحتجز فيها القوات العراقية آلاف السجناء ممن كانوا محتجزين لدى الأميركيين ولم تفرج عنهم القوات الأميركية.ولهذا ترى منظمات حقوق الإنسان أنه سيكون لزاما على واشنطن أن تحقق في الظروف السائدة في مرافق الاعتقال العراقية التي ستستقبل وأن تضمن وجود لجنة حيادية مستقلة للتفتيش الدوري للمعتقلات التي سوف تستقبل هؤلاء السجناء. غير أن العقيد جون هيو الذي يدير المعتقلات الأميركية الثلاثة بالعراق يؤكد أن مسؤولية واشنطن عن هؤلاء السجناء تنتهي فور تحويلهم إلى الحكومة العراقية الكارتونية. لكنه يشير إلى أن حرص الأميركيين على ضمان تقليص ما يتعرض له السجناء من تعذيب جعلهم يصرون على ألا يحول هؤلاء إلا إلى تسعة معتقلات تديرها وزارة العدل العراقية، لأن ما تديرها وزارتا الداخلية والدفاع العراقيتان هي أسوأ سجون في العالم، مجردة من كل ما هو إنساني. ومراسل الصحيفة شاهد بعينه جنودا أميركيين وهم ينقلون معتقلين إلى سجن تابع لوزارة الداخلية وعندما استفسرهم بشأن ذلك ردوا بأن هذه ممارسة طبيعية. وسعيا من المراسل لمعرفة ما يجري داخل سجون وزارة الداخلية العراقية، نقل عن مسؤول عراقي عمل مفتشا لبعض هذه السجون واشترط عدم ذكر اسمه قوله: "نعم هناك عنف، هناك تعذيب قاس، إنهم يعلقون السجناء بأيديهم، وينهالون عليهم بالضرب بالعصي واللكمات والركل والصعق الكهربائي وإطفاء السجائر في أجسادهم". بل إن المسؤول المذكور وصف ضربا من العذاب يكره من خلاله السجين على شرب كثير من الماء ويمنع من التبول بطريقة تخدش الحياء، حسب تعبيره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق