الاثنين، 15 يونيو 2009

مرصد الحقوق والحريات الدستورية / المؤسسات القضائية والتنفيذية بين ظلم الأبرياء وإفلات المجرمين

تكررت حالات الإضراب عن الطعام في السجون ومراكز الاحتجاز، بالتزامن مع زيادة الأصوات المنددة بكثرة الاعتقالات وعدم حسم التهم الموجهة ضد المعتقلين جراء تأخر الإجراءات التحقيقية الذي أصبح أمراً واقعاً لا يثير اهتمام المعنيين، ولا ينظرون اليه على أنه انتهاك سافر لمباديء الدستور والعدالة والحكم الديمقراطي الرشيد تمارسه المؤسسات القضائية والتنفيذية على حدّ سواء، وهي المفترض بها أن تكون أمينة على تطبيق هذه المباديء وصيانتها,
وفي متابعة مستمرة لهذا الملف الشائك الذي يشكل أحد تهديدات التنفيذ السليم لمبادئ الدستور وبخاصة في ما نص عليه في (باب الحقوق والحريات)، وماله من أثر في تراجع حقوق الإنسان في العراق، وجد مرصد الحقوق والحريات الدستورية (MRFC) مشاكل خفية عدة تحيط بهذا الملف:
فهناك قصور كبير لدور الادعاء العام في العمل على سرعة حسم القضايا، وتفادي تأجيل المحاكمات بدون مسوّغ، ومتابعة الموقوفين بشكل جدي للتوصل الى إطلاق سراحهم من عدمه وفقاً للأدلة المتوافرة، كما وجد ضعف دوره في مراقبة تنفيذ القرارات والأحكام والعقوبات مما أثر سلباً على حماية الدولة ومبادئ الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان,
كما ان ضعف إمكانات وخبرات الجهات المختصة بشؤون التحقيقات والأدلة الجنائية وحاجتها الى المهارات والخبرات الحديثة المتعلقة بعلوم جمع القرائن والأدلة الجنائية والعدلية واعتماد الاساليب الحالية التي تنطوي عادة على إلقاء القبض على المشتبه بهم واحتجازهم لفترات طويلة من دون توجيه اتهامات لهم،
وكذلك وجود ضعف في دور السلطة القضائية الرقابي والذي أثر على استقلال القضاء، فضلاً على وجود الفساد المالي والإداري في المؤسسات التنفيذية والقضائية، إذ لمست حالات ابتزاز من قبل ضباط تحقيق فاسدين وغير مؤهلين أثناء قيامهم بالتحقيق، الأمر الذي أسهم في ظلم أبرياء،، من جهة،، وإفلات مجرمين من العقاب،، من جهة ثانية،
وبالإضافة الى ما تقدم، فإن تقاعس وزارة حقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب وتأخر تشكيل مفوضية حقوق الإنسان أسهم بشكل كبير في تصاعد الاعتقالات العشوائية وغير الإنسانية في بعض الأحيان، وانتشار شتى أصناف التخويف والضرب والتعذيب، واكتظاظ السجون وعدم صلاحيتها لاحتواء المعتقلين وافتقادها الى البرامج التأهيلية،
ففي مقارنة قام بها المرصد وفقاً للإحصائيات الشهرية للانتهاكات وأعمال العنف، وجد أن عدد المعتقلين منذ مطلع 2009 ولغايه اعداد هذا البيان وصل الى ما يقارب ( 7,198 ) بينما وصل عدد المطلق سراحهم الى ما يقارب ( 2,141 ) ، وهذه الأرقام تشير الى سوء معاناة هؤلاء المعتقلين نتيجة تأخر حسم قضاياهم وبقائهم في المعتقلات لمدد طويلة جداً، وفي كثير من الحالات ينقطع اتصال المعتقل بأهله، الأمر الذي تنجم عنه متاعب نفسية شديدة الخطورة،، من جهة،، وشعوراً بالغبن والحيف والنقمة على مؤسسات الدولة،
عليه يطالب مرصد الحقوق والحريات الدستورية الحكومة بجميع مؤسساتها التنفيذية والقضائية بوضع حلول لجميع المشاكل التي أشير اليها أعلاه, وتفعيل دور هيئة الإشراف القضائي التي تهدف الى ضمان قيام المحاكم بواجباتها,
كما يدعو المرصد مجلس النواب الى تفعيل دوره الرقابي على أعمال الحكومة، ويحثّه على حسم تشكيل مفوضية حقوق الإنسان بهدف الحدّ من الانتهاكات في مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية،
كما يطالب المرصد مجالس المحافظات بالعمل على وضع الخطط التأهيلية الكفيلة بتحسين واقع السجون في المحافظات وحماية السجناء والموقوفين من الانتهاكات التي تطالهم،
وأخيراً، يطالب المرصد بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بتفعيل دورها في رصد أوضاع حقوق الإنسان في السجون والمطالبة بإطلاق سراح الأبرياء.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق